رصد برنامج عين على القدس الذي عرضه التلفزيون الأردني، أمس الاثنين، استمرار سلطات الاحتلال بسياستها الاستيطانية في القدس من خلال مصادقتها على مخططات جديدة تستهدف تكثيف البؤر الاستيطانية في القدس الشرقية ومحيطها.
وبحسب التقرير الاسبوعي الذي أعده فريق البرنامج في القدس، صادقت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال قبل عدة أيام، على بناء 3557 وحدة استيطانية في القدس ومحيطها، تتوزع على خمس مناطق، أكبرها عدداً سيكون في جبل المشارف المطل على المدينة المقدسة وبمنطقة غفعات هماتوس المقامة على اراضي بيت صفافا جنوبي القدس ومستوطنة هارحوما شمالي مدينة بيت لحم، بهدف فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية من الشمال والجنوب.
وأوضح التقرير أن الأهالي في منطقة بيت صفافا وصفوا هذا المخطط بأنه في منتهى الخطورة، لأنه في الوقت الذي يرفض فيه الاحتلال إصدار تراخيص البناء لهم، أقر ببناء أكثر من 1450 وحدة استيطانية على أراض تم مصادرتها من البلدة سابقاً، ما يزيد التوسع الاستيطاني على أراضي البلدة على حساب الوجود الفلسطيني. وبحسب ما أوضح أحد سكان بيت صفافا، المهندس عبد الكريم لافي، فإن منطقة بيت صفافا مع إقامة هذه المستوطنة ستصبح عبارة عن “جزيرة عربية إسلامية تحيط بها المستوطنات الإسرائيلية من جهاتها الأربع”، وأن التأثير المباشر على أهالي المنطقة سيكمن في أن طرق بيت صفافا ستصبح عبارة عن ممر للمستوطنين الذين سيمرون بها أكثر من الأهالي.
وقال “إن جميع أراضي بيت صفافا انتهت من ناحية البناء الأفقي، ولم يتبق منها سوى هذه المنطقة القابلة للتوسع الأفقي، وإسرائيل حاصرتنا في هذا الأمر بمصادرتها، ما قطع علينا الطريق بالتوسع من أجل الأزواج الشابة”.
وأضاف التقرير أنه بات من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية بتركيبتها الحالية تسخر جميع إمكانياتها في تكثيف الاستيطان في القدس والضفة الغربية، لتصبح المشاريع الاستيطانية حقيقة ماثلة على الأرض، ما يعتبره المقدسيون أمراً يدخل في سياق التطهير العرقي الصامت لهم من خلال هدم بيوتهم وتهجيرهم بالتوازي مع مصادقة سلطات الاحتلال على بناء الوحدات الاستيطانية في القدس لصالح المستوطنين.
الناشط المقدسي زكي أبو طه، قال إن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعمل بصمت، حيث انها أقرت خمسة مخططات لبناء وحدات سكنية بهدف قطع التواصل بين الاحياء العربية الفلسطينية لتكثيف الوجود الإسرائيلي واليهودي في المدينة المقدسة.
والتقى البرنامج الذي يقدمه الإعلامي جرير مرقة عبر اتصال فيديو من القدس بالخبير في شؤون الاستيطان في القدس، وليد صيام، الذي أكد أنه منذ بداية الاحتلال، وضعت سلطاته سياسة استراتيجية تتمثل بعملية الاحتلال والتفريغ ومن ثم الإحلال، وأن هناك تصعيدا في وتيرة الاستيطان منذ عام 1967، وأن معظم الحكومات الإسرائيلية تعتمد في بقائها داخل الحكم على اليمين المتطرف والاستيطان.
وأوضح أن هناك عدة مخططات استيطانية موجودة “داخل الأدراج لدى عدة حكومات إسرائيلية سابقة بالإضافة إلى الحكومة الحالية، وأن المخططات الجديدة لمدينة القدس عبارة عن عملية فصل لمدينة القدس عن الجنوب المتمثل بمدينة بيت لحم والخليل، وهو حزام أمني استيطاني للحفاظ على المستوطنات وعملية تفريغ المواطنين المقدسيين داخل مدينة القدس، وعدم التواصل بين شمال الضفة وجنوبها وعدم إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ما يضيف الطابع الديموغرافي إلى المعركة على مدينة القدس إضافة إلى الطابع العقائدي”.
وقال صيام إن الخارطة الهيكلية لمدينة القدس تمتد من منطقة البيرة حتى “جبال عصيون”، وإن الحكومات الإسرائيلية المتتالية منذ العام 1967 تحاول أن تجعل عدد المستوطنين أكثر من المقدسيين داخل هذه المدينة من خلال إقامة عدة مستوطنات بمصادرة الأراضي بحجة إقامة حدائق توراتية ومن ثم بناء وحدات استيطانية عليها.
وأضاف أن الهدف من هذا هو أن يبقى في المدينة ما نسبته 12 بالمئة فقط من المقدسيين، وأن تبقى القدس خالية من أي وجود عربي إسلامي ومقدسي داخل المدينة، مشيرا إلى أن ما هو أكبر من ذلك هو المعركة على المسجد الأقصى المبارك لبناء الهيكل الذي تقوم عليه دولة الاحتلال.
وأكد صيام أنه في ظل الصمت العربي والإسلامي والدولي والانقسام الفلسطيني فإن الاستيطان سيمتد أكثر، وسيتم مصادرة المزيد من الأراضي وعندها سيتم “الترحم على باقي الأرض الفلسطينية”، داعيا إلى إعطاء الشباب بعضاً من أراضي الأوقاف الإسلامية والمسيحية للبناء عليها، كما دعا المستثمرين لبناء مشاريع إسكانية للشباب داخل مدينة القدس.
وبين أن المخطط الجديد لحكومة بينيت وقبله نتنياهو هو إعطاء شيء بسيط جداً من الأراضي للمقدسيين في شمال مدينة القدس في منطقة بيت حنينا وشعفاط وبيت صفافا وجبل المكبر لبناء وحدات سكنية، بهدف إبعاد المقدسيين عن القدس وتحديداً البلدة القديمة، لأن المقدسي كان يتوجه إليها لشراء احتياجاته، وبالتالي إفراغها، لافتاً إلى أنه تم إغلاق 750 محلاً تجارياً لعدم وجود رواد لأسواق البلدة. وحول صمود المقدسيين، قال صيام إن المقدسي عندما يتم هدم منزله يقيم في خيمة، وإن هناك تكافلا بين المقدسيين وإنهم باقون رغم هدم المنازل والاعتقالات والإبعاد وكل ما تفعله سلطات الاحتلال لزعزعة صمودهم.
واختتم حديثه بالقول ” نحن هنا في مدينة القدس نعاهد الله والأمة العربية والإسلامية بأن نبقى أحراراً فوق تراب القدس ومقدساتها، أو أن نبقى شهداء تحت ترابها ومقدساتها، ونحن لا نعدكم بالنصر، ولكن نعدكم بالصمود”.
بترا