كتبـ: اياد الوقفي
ونحن نكتب عن “الرأي” الصحيفة والمؤسسة، لا بد أن تفسر الحكومة أو الدولة أولا كيفية النظرة إلى الصحافة اليومية ومدى إيمانها بمدى دورها وتأثيرها في الوجدان الأردني، بخاصة بعد أن بدأت المواقع الإلكترونية منذ زمن إلى جانب شقيقاتها وسائل التواصل الاجتماعي، في مزاحمتها على دورها الإعلامي والتنويري الذي اهتز نتيجة العبث الممنهج عبر تعيينات عشوائية ليست مدروسة افتقرت إلى أدنى معايير الجودة والكفاءة، واستمرأت المسير في مسلسل التنفيعات بدلالة الوضع المالي والمهني المتردي الذي وصلت إليه، بعد أن كانت منارات وقلاع إعلامية يشار لإنجازاتها بالبنان.
منذ أكثر من عقد ومشكلة “الرأي” تتدحرج مثل كرة الثلج على مرأى ومسامع المسؤولين كافة، دون أن يحركوا ساكنا أو يبحثون في الأسباب الحقيقية التي قادت إلى هذه النتيجة المتوقعة، برغم دق العاملين لناقوس الخطر منذ سنوات عبر اعتصامات ووقفات احتجاجية، الغرض منها تنبيه صاحب “النظرة” أو القرار بضرورة إعادة الاعتبار والتخطيط بجدية حتى يتم وضع الحصان أمام العربة.
“الرأي” تستحق استدارة حقيقية لتصويب ما تم تشويهه والالتفاتة بكل حزم إلى هذه المؤسسة الوطنية لفكفكة جميع ملفاتها العالقة ولملمة جراح موظفيها الذين نالت منهم ومن عائلاتهم سهام التعيينات العشوائية، والعمل بسرعة على معالجة مديونية المؤسسة التي تتفاقم تباعا، إذ من غير المقبول أن صحيفة تعاني من أزمة مالية خانقة امتدت وأغلقت شرايينها أن تنفق على مبنيين تسبب إقامة إحداهما “مجمع المطابع” بهدر عشرات الملايين من الدنانير واستنزف إيراد “الرأي” على حساب العاملين فيها، الذين وقعوا في شباك مديونية المؤسسة وباتوا ضحية قرارات تخضع لأمزجة وأهواء حكومية.
منذ أيام ثلاث والمؤسسة تعيش حالة من عدم الاستقرار بعد أن خرج العاملين عن طورهم بسبب العجز الرسمي عن معالجة ملف “الرأي”، وغياب الحكومة عن الإدلاء بدلوها إزاء ما يجري والذي يرتقي الى مستوى صيحة حق، ليس هدفها كما يشاع تخريب المؤسسة أو النيل منها فلا أحدا يشرب من بئر ويقذف به الحجارة، إذ ليس من المقبول أن يبقى عاملون مسؤولون عن أسر بلا زيادات سنوية منذ أكثر من عقد، ومعاشات غير منتظمة وترحيل لأزمات مالية دون إيجاد حل جذري يعطي لكل ذي حق حقه.
الحديث عن “الرأي” ودورها يطول ولا يتسع المقام لتناوله، لكن من غير المقبول أن تكتفي الحكومة بدور المتفرج إزاء ما يجري في المؤسسة ، والسؤال الذي نتطلع أن تجيبنا عليه بشفافية، هل اكتفت بالدور الذي قامت به مؤسسة بحجم وعراقة وتاريخ “الرأي”؟ وإذا كانت الإجابة ب”لا” فالحكومة مدعوة أن تضع خارطة طريق ينير الظلمة الذي تلونت به هذه المؤسسات، وأن لا نسمع غزلا فارغا عن دورها يخلو من أي حل أو يضفي قيمة على المشهد الإعلامي.