كامل نصيرات
كيفك ؟ شو أخبارك ؟ طمني عنك ؟ هذه الأسئلة الثلاث الأكثر اقترافاً في ماسنجر الفيس بوك و الواتس أب و جميع وسائل التواصل الصوتية و المكتوبة ..حتى عندما تتقابل مع الشخص وجهاً لوجه يجب أن تدخل هذه الأسئلة في بدايات اللقاء كمفاتيح ضرورية ..!
المشكلة عندنا نحن العرب ؛ أن أغلبنا يسألك هذه الأسئلة ولا يقصدها ..والأغلب لا ينتظر إجابة عليها ..! قد يقول لك : كيفك؟ وعندما تريد أن تجيب عن حالتك ؛يسارع بالقول : اسكتْ مش صار كذا وكذا ..! وذهبت (كيفك) تحت القدمين ..!
قد يبعث لك على الواتس كيفك ؟ وأنت تشرع بالاجابة ولا يقرأ اجابتك إلاّ (تالي الليل) أو ثاني أو ثالث يوم ..؟!
الذي يسألك كيفك ؟ هل يريد صدقاً أن يعرف ما بك ..؟ هل لديه استعداد لسماع حكايتك التي تتقاطع مع تفاصيل كل الأوجاع ..؟ هل الذي يدّعي أنه يحبّك وأنت تردّ على سؤاله الضروري ولا يقرأ ردّك إلا بعد فقدان الردّ لتوجهه وتكرر الحكاية ويطلب منك أن تصدق أنه يعزّك معزّة خاصة ..! إذا المعزّة الخاصة هيك فكيف تكون المعزّة العامّة ..؟!
نحن مجتمع لا نقصد كثيراً مما نقول ..الكلام لدينا (على قفا من يشيل) ..الجملة التي لا تعجبك (خذ غيرها) ..ننساق إلى ثرثرة وانتظارات كاذبة ..ولا بدائل لدينا عنهما ..! ما أشطرنا بالقعود على ركبة ونُصْ لبعضنا البعض..! نسافر في غربة الكلام ونحن نبحث عن كلمة دافئة حقيقية نشعر أنها خارجة من القلب ..!
كيفك ؟ زفتٌ وأكثر من زفتٍ ..! أتوجع منك لأنك تشعر بالقطط و الكلاب ولا تشعر بي ..! أتوجع فيك لأنك حين تعرفتُ عليك خدعتني بإنسانيتك وحين ورطتني لأتوغل فيك صارت كلمة كيفك (روتيناً) ومجرد كلمة باهتة لا معنى لها إلاّ ( لا تجاوب) ..!
لا أريد من أحدٍ يسألني : كيفك ؟ ولا أريد أن أقول لأحد عن أخباري ..ولن أطمنكم عنّي ..فأنا مللتُ اللغة والحوار الكاذبين ..!