الدكتور محمد القرعان
تواجه المملكة تحدياً كبيرا، متعلقا بندرة المياه، إذ يعتبر الأردن من أفقر دول العالم في مصادر المياه الطبيعية والمتجددة، وبالرغم من ذلك التحدي، ما تزال المملكة على الصعيدين الرسمي والمجتمعي، تفتقر للجهود المنتظمة لتقنين وترشيد استخدام المياه؛ إلا أن الحاجة ملحة لصف المزيد من الجهود لإيجاد حلول مبتكرة لتوفير المياه لا سيما مياه الشرب.
لا شك أن ما يشهده الأردن من تدفق كبير للاجئين منذ عام 2011، بنحو 1.5 مليون سوري، وسبق ذلك تدفق كبير من الاشقاء في العراق، زاد من الطلب على المياه بنسبة تصل إلى 40%، ما دفع الأردن إلى استخدام المياه من حوض الديسي الاستراتيجي، الذي يستخدم أصلا لتوفير المياه للعاصمة فقط، بغية تغذية محافظات الشمال إلى جانب الأوضاع الإقليمية غير المستقرة بشكل عام في المنطقة، ما أدى إلى خفض حصة المواطن من المياه، كما أنه نتيجة للاستخدامات غير المشروعة وغير القانونية من قبل البعض تفقد المملكة نحو 70% من المياه.
وكون العجز المائي أمرا حيويا بالغ الأهمية خاصة عندما يتجاوز الطلب على المياه العذبة من المصادر المتجددة للمياه 1.5 مليار متر مكعب سنويا، ويقل المتوفر بمقدار حوالي 500 مليون متر مكعب وهذا يشكل خطرا حقيقيا على الامن المائي وفي ظل رفض بعض الدول في مد المملكة بالمياه وهو ما جاء على لسان وزير المياه حديثا.
وهذا يستلزم تنفيذ مشاريع وطنية كبيرة وبمساعدة الجهات المانحة لمواجهة الطلب على المياه وتوفيرها، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود الوطنية لتوعية المواطن وضيوف الاردن بشأن كيفية توفير المياه ومبادرة وزارة المياه بتوزيع تجهيزات ولوازم مياه عالية الكفاءة على المنازل والمساجد والمدارس والجامعات والمزارع والمسابح وغيرها في مختلف المحافظات والتوسع في بناء محطات لتحلية المياه؛ وقد اكدت دراسات أجرتها الجهات المختصة أن تركيب الأدوات والأجهزة الموفرة للمياه يمكن أن يخفض استهلاك المياه في الأردن بنسبة 30%.
كما أظهرت الدراسات المحلية أن 50% من استهلاك المياه في الأردن يأتي من الحنفيات- ونصفها من حنفيات المطبخ – وأن نسبة استهلاك المياه في المطابخ المنزلية في الأردن أعلى بنسبةـ 25 % من المعدلات العالمية وتشير ايضا إلى أن مياه الحمامات في الأردن تشكل 30 % من نسبة المياه المستهلكة في المنازل.
وهنا يجب أن يكون استخدام هذه التقنيات أمرا ذا أولوية من قبل مؤسسات قطاع المياه وإطلاق المشاريع الضخمة، ومكافحة سرقات المياه، وتنفيذ برامج إدارة المياه، والحد من نسبة فاقد المياه والتسرب، كلها قضايا مهمة، ولكن توفير حلول جديدة لتوفير المياه يمثل أمرا على القدر نفسه من الأهمية تساعد في التصدي للمشكلة، إلا أن التكنولوجيات الجديدة تمثل حلولا طويلة الأجل وقصيرة الأجل للحد من هدر المياه ذا تطورت تكنولوجيا معالجة المياه وتنقيتها حول العالم ويمكن الاستفادة منها بعد استخدام أساليب وأدوات حديثة لإزالة الملوثات من المياه الخام ويعد الهدف الأول من ذلك إنتاج مياه نظيفة صالحة للاستهلاك البشري، وتلبية الاحتياجات الزراعية، والطبية، والصيدلية، والمواد الكيميائية والتطبيقات الصناعية وغيرها التي قد تستخدم في مياه الشرب، ما ينذر بتفاقم مشكلة النقص الحاد في مياه الشرب، ورغم ذلك، هناك حاجة للتعاون بين الجميع بما في ذلك الجهات الرسمية والمانحة والمؤسسات والهيئات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني ومستخدمي المياه المنزلية أنفسهم للحد من هذه المشكلة.