على الرغم من وعود الحكومة في وقت سابق بأنها ستعمل على زيادة التعيينات في صفوف الأطباء، إلا أن واقع الحال يشير إلى استمرار معاناة الأطباء المتعطلين عن العمل من توفر الفرص الوظيفية.
وكان آخر هذه المعاناة وليس أولها، اضطرار فئة من الأطباء في محافظة البلقاء لتنظيم وقفة احتجاجية، الأربعاء الماضي، امام مديرية صحة البلقاء، في دعوة للجهات المعنية لإصدار قرارات بتعيينهم في ظل النقص الحاد بالكوادر الطبية في المحافظة.
وكان مدير مديرية صحة البلقاء، الدكتور صائب ابو عبود، أكد في وقت سابق، انه قد طلب تعيين نحو 46 طبيبا عاما، وأن وزارة الصحة سترفد المحافظة بما يقارب من 52 طبيبا عاما.
وطالب الأطباء المعتصمون، بضرورة تعيينهم في مستشفيات البلقاء البالغ عددها 5 مستشفيات والمراكز الصحية البالغ عددها 70 مركزا.
ودعوا لمعرفة احتياجات المستشفيات الثابتة للمحافظة من الأطباء العاملين بها والبالغ عددها 5 لسد النقص الحاصل فيها، والعمل على زيادة نسبة تعيين الاطباء العامين بشكل سنوي، بما يتناسب مع ازدياد الكثافة السكانية في المحافظة والبالغ تعدادها ما يزيد على النصف مليون نسمة.
وطالب المعتصمون، ديوان الخدمة المدنية، بعقد الامتحان التنافسي لأطباء البلقاء وتعيينهم بما يتناسب مع احتياجات المحافظة من نقص في الكوادر الطبية وعدم تجيير التعيينات من محافظات أخرى.
وأشار أطباء البلقاء، إلى أنه “تم التعهد من قبل نواب المحافظة بمتابعة مطالبهم مع وزير الصحة ورئيس ديوان الخدمة المدنية، حيث تم منح هؤلاء مهلة اسبوعين لمتابعة وتنفيذ المطالب لايقاف الخطوات الاحتجاجية”.
وفي هذا السياق، اعتبرت عضو مجلس نقابة الأطباء، الدكتورة مها فاخوري، أن المشكلة الأساسية تكمن في أن التعيينات تتم عبر المحافظات فقط، إضافة إلى أن هناك تراكم لأعداد كبيرة من الأطباء العاطلين عن العمل في العاصمة وإربد والزرقاء.
وأضافت فاخوري لـ”الغد”، أن مديرية صحة البلقاء “تتحدث عن وجود نقص في التعيينات، في حين تشير وزارة الصحة إلى ان مديرية البلقاء لم تطلب أي تعيينات جديدة”.
وبينت أن الوزارة تحمل المديريات عبء طلب الأعداد اللازمة من الأطباء، على الرغم من ان الوزارة حددت في وقت سابق قدرتها على تعيين 500 طبيب ضمن جدول التشكيلات السنوي.
ولفتت إلى أن هناك نحو 1077 طبيبا متعطلا عن العمل، الأمر الذي أدى إلى ظهور نظام العمل غير مدفوع الأجر (Unpaid).
وأشارت إلى أن محافظات الجنوب والبادية، لا توجد فيها مشاكل كبيرة في التعيينات لأن الطلب منها قليل، وأن الازدحام بالتعيين منحصر فقط في محافظات عمّان وإربد والزرقاء والسلط.
وأكدت فاخوري أن هناك وفرة في العرض وشح في الطلب، خاصة أن جدول التشكيلات ممتلئ بطلبات التعيين.
يذكر أن هناك ما يقارب من 300 طبيب في محافظة البلقاء، لهم أكثر من 3 سنوات لم يتم تعينهم ولا استدعاؤهم لإجراء امتحان ديوان الخدمة.
وشددت على أن أساسيات المشكلة، تكمن في السياسات التعليمية الطبية، وافتتاح كليات طب جديدة كل فترة وأخرى، وهي أرقام تزيد على دول أخرى في العام بكثير.
وأضافت أن العاصمة الأميركية واشنطن التي يبلغ عدد سكانها نحو 10 ملايين نسمة، وهو ذاته عدد سكان الأردن، فيها كليتان اثنتان للطب، إلا أن الأردن لديه الكثير من الكليات تزيد على 7، وسط سوق صغير.
ولفتت فاخوري إلى أن كبرى الجامعات الأميركية تهتم بتخريج أطباء أصحاب تعليم نوعي، ولذلك تحدد عدد مقاعد الطب بأرقام بسيطة.
وبينت أن الزيادة المطردة بأعداد الأطباء الخريجين سنويا، تخلق مشكلة في التعيينات، مبينة أنه عند تأسيس النقابة في العام 1951 ولغاية العام 1986، تم تسجيل 8 آلاف طبيب، ووصلت هذه الزيادة إلى نحو 40 ألف طبيب في العام 2022.
وقالت إن وزير التعليم العالي، أعلن مؤخرا، أنه خلال السنوات الخمس المقبلة، سيتم تخريج 38 ألف طبيب، وهذا كله سيؤدي إلى تعميق مشكلة البطالة في صفوف الأطباء.
بدورهم، أكد أطباء أن مشكلة البطالة في المملكة، تكمن في خصخصة التعليم، والطبي تحديدا.
الغد