علاء القرالة
يبدو ان التوجه لاصدار فاتورة المياه شهريا اصبح قريبا للتطبيق، غير انه ما زال يحتاج الى مزيد من الدراسات والتي لا بد لها من أن تراعي رغبة وقدرة المشتركين على الوفاء بالالتزامات الشهرية لفواتير اخرى تصدر شهريا ويدفعونها كالكهرباء والاتصالات والتدفئة وغيرها من الالتزامات التي يتم دفعها بشكل دوري .
أن تصدر فاتورة المياه كل ثلاثة شهور امر اعتدنا عليه طيلة السنوات الماضية و يساعد المشتركين والمواطنين على التعامل مع الالتزامات الشهرية الاخرى بكل مرونة وخاصة في ضوء ارتفاع معدلات التضخم وبشكل تدريجي نتيجة الاحداث الجيوسياسية في الاقليم والعالم والتي دفعت اسعار الكثير من السلع الى الارتفاع، ما يعني ان اصدار الفاتورة بشكل شهري كما هو مقرر سيزيد من الاعباء المالية الشهرية لدى المشتركين وقد يخل بموازناتهم المالية التي اعتادوا عليها في الماضي ، ما يتطلب من وزارة المياه وشركات توزيع المياه في مختلف المناطق والمحافظات ان تعمل على مسح استطلاعي تستوضح فيه رغبة المشتركين حول استمرار طريقة الدفع الحالية او استبدالها بشهرية.
أي قرار او توجه لابد من ان يكون له اهدافه واسبابه، وهنا وفي هذا التوجه تحديدا لا اجد اي مبرر او سبب يجعلنا نتجه لاصدار فاتورة المياه شهريا وتحديدا في هذا التوقيت، وخاصة ان الحكومة تؤكد في كل مرة استمرارها بدعم المياه وعدم رفع اسعارها بالرغم من الضائقة المائية التي نعيشها حاليا، وكما أن وجه النمر التي تقول ان هذا التوجه سيخفف من العبء على المشتركين في حال تم دفع المبلغ شهريا بدلا من تراكمية الفاتورة لثلاثة شهور غير منطقي وخاصة ان هناك دراسات تؤكد على أن 78% من المشتركين تقل فاتورتهم الدورية من المياه عن 20 دينارا في الدورة الواحدة والممتدة لثلاثة شهور الامر الذي يجعل من استطاعة المشترك على سدادها امرا بسيطا وسهلا غير انه يضمن حاليا عدم مزاحمتها لفواتير اخرى تدفع شهريا.
كلفة المياه وأسعارها في المملكة تعتبر من الاقل مقارنة بدول تعيش نفس واقعنا المائي، ومع ذلك تدعمها الحكومة وبشكل واضح عبر فواتير المياه الصادرة، حيث تقدر كلفة المتر المكعب الواحد حاليا بنحو 2.70 دينار، منها 1.56 دينار كلف تشغيلية عوضا عن المصاريف الأخرى لأغراض الصيانة والاستثمارات وغيرها، في حين أن المواطن يتحمل في المعدل 60 قرشا للشرائح الدنيا ونحو 90 قرشا للشرائح المرتفعة وتقع ضمن الشرائح (الرابعة والخامسة) التي يستهلك أفرادها ما بين 52-180 مترا مكعبا للدورة ويشكلون ما نسبته 16.5% ، وكما أن نسبة الفاقد في المياه تصل في المملكة ورغم شح المياه لدينا والمعاناة التي تهدد مستقبلنا المائي ما يقارب 70%.
اليوم، ونتيجة ارتفاع الالتزامات الشهرية للمواطنين والمشتركين جراء الكثير من العوامل والتي اهمها ارتفاع معدلات التضخم وضعف القدرة الشرائية، الأمر الذي يتطلب عدم اضافة عبء شهري جديد عليها وترك الامور على ما هي عليه الى حين انتهاء موجة التضخم وعودتها الى معدلاتها الطبيعية، ولذلك انا ضد الفاتورة الشهرية منتظرا اياها كل ثلاثة شهور كما اعتدنا على ذلك، فمن معها ومن ضدها؟.