محمد وشاح
ترتفع هذه الأيام بين المواطنين حالة التذمر من الأحوال المعيشية التي يعزون أسبابها الى ارتفاع أسعار المحروقات في البلاد ، وكثير من هؤلاء المتذمرين بمقدورهم ضبط نفقاتهم الزائدة وبخاصة في الكماليات والمناسبات الخاصة واستخدام السيارات لدواعٍ غير ضرورية ، وبالنسبة لأسعار المحروقات في المملكة أقولها بأمانة ومن خلال متابعتي اليومية للأخبار العربية والعالمية ، فهي لا زالت ضمن الحدود المعقولة مقارنة ببعض دول العالم ومنها دول عربية مجاورة ، حيث أن هناك أكثر من 100 دولة في العالم أسعار المحروقات فيها أعلى من الأردن ومن بينها دول عربية وعالمية منتجة للنفط ، وهناك بعض الدول الشقيقة والصديقة رفعت أسعار محروقاتها خلال عام واحد نحو 85 مرة ومنها تركيا .
حدثني مواطن عربي قدِم للتوّ الى الأردن ، أن الحياة في بلادهم أصبحت مشلولة تماماً لعدم وجود ماء ولا كهرباء ولا محطات تبيع البنزين والسولار والكاز وحتى شبكات الإتصالات باتت خارج الخدمة ، واصفاً الحال في بلاده بأنه الأسوأ الذي يمرّ عليهم منذ سنوات طويلة ، علاوة على انعدام الأحوال الأمنية ، وقال لي بالحرف الواحد ، أنتم بألف خير فلا تجحدوا هذه النعم التي وهبها الله لكم ، وينصح الأردنيين بأن لا يميدوا كثيراً في الإسراف بمناسبات الفرح والمآتم التي أصبحت ممزوجة بالترف الزائد ، تقدم فيها الأطعمة والحلويات والمناسف التي تذهب معظمها الى حاويات القمامة ، ووصف ذلك العربي مظاهر الأفراح في الأردن بأنها مهرجانات للبذخ والتفاخر ، وأن مواكب الأعراس والتخرج في الطرقات والشوارع غير طبيعية ولا تدلّ على أن الشعب الأردني يعاني من ارتفاع أسعار المحروقات .
وفي هذه المقالة ارتأيتُ أن أكون واقعياً من غير محاباة لأية جهة كانت ، بالإشارة الى ما يظهر هنا وهناك في بعض المناطق من اعتصامات وتعطيل للحياة اليومية ، يقف خلفها أشخاص لا يهمهم الوطن ومستقبله ، أشخاص مأجورون لهم أجندتهم الخاصة ، يسعون الى خلخلة الأوضاع في البلاد وخلق البلبلة بين الناس وجرّهم الى المصادمات مع الأجهزة الأمنية على اعتبار أنهم حريصون على مصلحة الوطن والمواطن أكثر من الدولة ، مستغلين الأحوال الإقتصادية الصعبة التي يشهدها الأردن والعالم أجمع .
وبالعودة الى ارتفاع أسعار المحروقات في المملكة ، أود الإشارة الى أن الحكومة دعمت المحروقات خلال فصل الشتاء الماضي ب 550 مليون دينار ورصدت 200 مليون دينار لدعم الغاز المنزلي لتثبيت سعر اسطوانة الغاز على المستهلك بواقع 7 دنانير بعد أن بلغت كلفتها على الخزينة نحو 12 ديناراً ، علاوة على التعرفة الجديدة للكهرباء المدعومة للمواطنين وبخاصة فئة ذوي الدخل المحدود ، وعلى الرغم من كل الإرتفاعات والظروف الدولية المصاحبة فإن الأسعار المحلية للمحروقات تبقى ضمن السقوف المقبولة وبأقل من دول مجاورة وأوروبية لديها خامات وموارد طبيعية واقتصادات أكبر ، ولا ننسى أن ارتفاعات أسعار المحروقات في الأردن سببها ارتفاع كلف الإستيراد ونقص الإمدادات وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية .
وخلاصة القول يتعين علينا كمواطنين التحوط من الإشاعات المغرضة والأخبار المضلّلة ، فأوضاعنا المعيشية والصحية والإجتماعية والإقتصادية والأمنية مستقرة ، ونحن بألف خير عن بقية كثير من دول العالم والحمد لله .