كمال زكارنة
ثلاثة احداث اقليمية ودولية تصب الان في مصلحة العرب، تستطيع الدول العربية الاستفادة منها الى حد كبير،وتحقيق مصالح عربية استراتيجية مشتركة ،اذا احسنت استغلالها وتوظيفها لمصالحها الوطنية والقومية.
الحدث الاول ،الحرب الروسية الاوكرانية،التي بدأت تنسف القطبية الاحادية في العالم،وتمهد الطريق لتمزيق العباءة الامريكية المسيطرة،وخردقة المظلة الامريكية المهيمنة،وتهيء الظروف بشكل جيد لتغيير التحالفات العربية،وفتح الابواب امام الصين وروسيا ،واجراء مراجعة تقييمية حقيقية تاريخية ،لأكثر من خمسة وسبعين عاما من التحالف مع الولايات المتحدة،التي لم تفعل شيئا مفيدا للعرب ،خلال كل هذه العقود، ولم تجلب لهم الا الدمار والخراب والذل والهوان،بينما هي حققت فوائد وعوائد تقدر بملايين التريليونات من الاموال،الى جانب تجميد القضية المركزية والاولى للامة العربية،قضية فلسطين،والحرص الشديد على اخضاع الامة العربية للتفوق العسكري الاسرائيلي والامني والسياسي والقانوني،من خلال توفير الحماية والحضانة الشاملة للكيان الغاصب لفلسطين في جميع المجالات وعلى كافة الصعد.
الحدث الثاني،وهو في غاية الاهمية،الصدام والانقسام الداخلي الذي يشهده الكيان الغاصب في هذه المرحلة،والذي يشكل فرصة ذهبية لاضعافه وتفكيكه وتفتيته ،من خلال توظيف المال العربي واحداث اختراقات عميقة وواسعة في صفوف مجتمع الكيان وتمزيقه،واحداث شروخ وفجوات داخلية ،والقابلية لذلك متوفرة حاليا ومتاحة،فهناك هوّة عميقة بين الشرقيين والغربيين ،والجماعات اليهودية المتناحرة والمتصارعة،علما بأن المجتع الصهيوني ليس مثاليا،وغير متماسك كما يعتقد البعض،ومن السهولة بمكان احداث هزات قوية في صفوفه ،بالاستنخدام الذكي للمال.
الحدث الثالث والاستراتيجي،التقارب السعودي الايراني،ونجاح الدبلوماسية الصينية،في جسر الهوّة بين اهم واكبر قطبين اسلاميين،وانعكاسات ذلك الايجابية على العالمين العربي والاسلامي بشكل خاص على العالم بشكل عام.
فقد استطاعت الصين بهذه الضربة الموجعة للسياسة الخارجية الامريكية،ان تفتح بابا واسعا لعلاقاتها مع العالمين العربي والاسلامي،وان تتربع سياسيا واقتصاديا وفي مجال التعاون العسكري والتكنلوجي مستقبلا،على مساحة شاسعة في المنطقة ،من خلال البوابتين السعودية والايرانية عربيا واسلاميا.
ولا يخفى على احد ان توتير العلاقات السعودية والعربية مع ايران بصناعة امريكية ،كان يهدف لتحقيق هدفين رئيسيين،الاول خدمة الاحتلال الصهيوني واشغال اقوى دولتين اسلاميتين في المنطقة ببعضهما البعض،والثاني استنزاف المال العربي بحجة مجابهة العدو الايراني ،وجعل العدو الاسرائيلي حليفا للعرب ،من هنا تأتي الضرورة الاستراتيجية العربية لتغيير التحالفات والتفكير جديا بهذا الطرح حاليا وفي المستقبل.
امام العرب فرصة تاريخية ،لتصحيح اخطاء الماضي ،ووقف نزف الخسائر الهائلة التي ترتبت على ذلك،بتغيير اتجاه بوصلة التحالفات العربية مع الدول الكبرى.