ماجد عبدالله الخالدي
انجاز : “إحذر .. منطقة عسكرية .. ممنوع الاقتراب والتصوير”، تلك العبارة التحذيرية التي نقرأها بالقرب من المواقع العسكرية الأمنية، والتحذير هنا يحمل رسالة مفادها : هذه المنطقة ذات خصوصية، والخصوصية ذات أبعاد أمنية، تلك الأبعاد تحظر على الجميع التصوير لغايات تتعلق بحماية المواقع العسكرية، وهو من أبسط الحقوق لتلك المواقع.
لكن، بعض المواقع العسكرية يباح بها التصوير، والسبب أن تلك المواقع تحمل صفة تاريخية، وتُعامل هذه الصفة على أنها خصوصية تحمل أبعاد أكبر من الأبعاد الأمنية، وهذا ما يُحسَب إيجابا للقوات المسلحة الأردنية، التي تمنح للمواطنين حق التقاط الصور التذكارية في المواقع التي تحمل صفة تاريخية، تلك المواقع التي ترمز إلى مسيرة الجيش العربي المصطفوي، عميد جيوش الوطن العربي، الجيش الذي قاتل ببسالة في أرض فلسطين الحبيبة، وقدم الشهداء للدفاع عن مقدساتنا الطاهرة، الجيش الذي لم يبخل يوما في الدفاع عن ثرى الأردن.
أذكر من تلك المواقع، متحف صرح الشهيد، الذي أقامته القوات المسلحة الأردنية تخليداً لذكرى الشهداء من أفراد الجيش العربي الذين ارتقوا في ساحات القتال دفاعاً عن ثرى الوطن وانتصاراً لقضايا العرب، وعلى الأخص في فلسطين،
أيضا، متحف الدبابات الملكي، الذي تأسس بإرادة ملكية سامية عام 2007، بهدف الحفاظ على الدبابات والآليات والمدرعات التابعة للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي أو التي تمثّل التراث العسكري العالمي، وعرضها للزوار.
يضمّ المتحف الذي افتتحه جلالة الملك عبدالله الثاني يوم 29 كانون الثاني 2018م، أكثر من 110 من الدبابات والآليات والمدرَّعات، والتي كان لبعضها دورٌ في معارك الحق والبطولة التي خاضتها القوات المسلحة الأردنية-الجيش العربي.
هذا المتحف الذي يعد شاهدا من شواهد بطولات الجيش العربي المصطفوي، أصبح اليوم مكان لسخرية بعض تجار المشاهدات واللايكات، هؤلاء التجار الذين لا يعرفون شيء عن تاريخ دباباتنا، ولا عن تاريخ جيشنا الباسل، لربما لا يعرفون شيئا عن تاريخ وطننا الذي بُني على هامات الرجال بدءا من الملك المؤسس، وانتهاء باصغر أردني على ثرى هذا الوطن.
هؤلاء التجار الذين لا يعرفون شيئا عنا، لا أعرف من سمح لهم بذلك، ومن المسؤول عن هذه المشاهد التي أصبحنا عليها اليوم، ولكني أعي تماما حجم الغضب الشعبي الذي رافق تلك الخطوة التي حملت إساءة واضحة لتاريخنا.
فبشكل مختصر، ما تم تصويره في متحف الدبابات الملكي، الطريقة والأسلوب والرسالة، الهدف، نقطة يجب التوقف عندها، فمثل هذا المتحف يجب أن يكون مكانا تاريخيا وشاهدا على بطولات الجيش العربي المصطفوي، وليس وسيلة للتهريج واستعراض شخصيات لا مكان لها إلا وسط العقول الفارغة التي وجدت نفسها في تطبيقات محظورة بسبب سياستها المنحطة كتطبيق “تيك توك”.
ما نرجوه اليوم، التحقيق ومحاسبة كل من كان له يد بتصوير وبث هذه المقاطع التي تسمى “كوميديا” والتي حملت إساءة مبطنة لجيشنا ووطننا وشعبنا، ما نرجوه اليوم المحاسبة إكراما لتضحيات جيشنا وأبطاله من الشهداء الأطهار، والعاملين البواسل، وإكراما للأردنيين الذين ما زالوا يؤمنون بقدسية تاريخ بلدنا.