جينا صالح
انجاز : (حين يتصارع الجمال و الألم .. ينتصر الحُب) أما المناصب و المال فتذهب أدراج الرّيااااح…
أيها الأعزّاء..
كنتُ قد كتبتُ (كما تابعت الكثيرين ) ممن كتبوا عن المستجدّات الأخيرة في المنطقة عموماً و في فلسطين خصوصاً ‘ إلّا أنّ إيماني المُطلَق بأنّ الحديث بقضيّة لا سقف كفاية لها ( كالصّراع العربي الإسرائيلي) جَعَلَني أُفكّر بأيّ الأبجديّات و التحليلات و التصوّرات قد يُمكن للمرء أن يكتِبَ وجوده’ فرحه و حُزنه ‘ حُلمه و أمَله’ واقِعه و يأسه ..!
عند كل عدوان لهذا الكيان كنتُ كمن يُساق إلى حتفِه و أنا أُتابعُ بل و أعيش الأحداث و التطوّرات معكم ( كما كل الشرفاء في هذا العالم) في كل مرّة كانت روحي تتسلّل إليكم ‘ تألَم معكم و تحترق بجمر الوجع كما ناراً تلتهم هشيماً دونما رأفةً أو هوادةً بالزرع ..!
أيّها الشّرفاء….
أكتبُ لكم و أنا أختالُ على مقام الصّمود الذي لطالما استهوانا ‘ و لطالما أرّق كل الجبناء ‘ و كأنّي بكم و هذا الصّراع كما ليل و نهار يتواليا و لا ينتهيا إلّا بقيام السّاعة..!
سيقول البعض من المُضلّلين و المُطبعين أي منطق هذا الذي تتحدثينَ بهِ عن مقاومة أو استمرار الصّراع إلى حين نصر أو تحرير ! و موازين القوى فيه لا و لم و لن تتعادل !!
‘ قاتلَ الله المنطق..
ذلَلْتم و هِنتم بتصريحاتكم و بمواقفكم ‘ و ها أنا و ( كذا كل العُقلاء و المؤمنين ) أكفُر به (المنطق) و أُكفّره؛ فحينَ أقامت هذهِ العصابات الصهيونيّة دولتها الفاشيّة باغتصاب الأرض و سلب الحقوق بالقتل و التشريد و التهجير ‘ للملايين من الفلسطينيين ‘ إلّا انها فشِلَت عبر السّنين بمحو القضيّة من ذاكرة أبناءها ‘ لتبقى حيّة في وجدان كل الشرفاء في هذا العالم من المنتمين للدين و الهويّة بل و للإنسانيّة ‘ جيلاً بعد جيل…!
و ها نحنُ أمام هزيمة جديدة لما يُسمّى دولة إسرائيل و أعوانها وأذنابها تلك( التي تُعتبر الأقوى و الأكثر تطوّراً بأسلحتها و تراسانتها في المنطقة و على مستوى العالم ) و التي و إن نجحت في الهيمنة على القرار في بعض البقاع ! قد فشلت فشلاً ذريعاً في النَيل من عزيمة و صمود أهلنا في القطاع ..
كنتُ قد كتبتُ سابقاً أن حال هذا الكيان كعود ثقاب رأسه سبب اشتعاله ‘ دعوني أقول و كأنني أرى هذا النتن ياهو الآن يعجز عن إطفاء نيران الخيبة و الصدمة ‘ وهو يُقلّبُ كفّيهِ على ما أنفقَ فيها ‘ بعد أن أصبحت دولته (الإفتراضيّة ) عدميّة ‘خاوية على عروشها ؛ فالبيوت الخربة المنهدمة تسقط (أولا )عروشها ( سقوفها )على الأرض و من -ثم -تسقط -جدرانها – على عروشِها -الساقطة …
أمّا للجُبناء فأقول : ..
أُطمئنكم.. لا نصر ولا انتصار في هذا العدوان الأخير كما سابقاته !؛ إلّا للقضيّة ‘ و قد توحّد الإخوة تحت الحصار و الإحتلال ‘و في الشتات و التفّ حولهم كل أحرار العالم ‘
ما زالت غزّة كابوس’ و ما زالت المقاومة مسمار في وسط قلب هذا الكيان! و ما زال أهلها عنواناً للصمود بكل عنفوان ؛ إن قضوا’ شهداء ‘ .. و إن نجوا ‘شرفاء ..’ يُعلّموننا دروساً في العزّة و الكرامة و معنى الحياة..
أمّا للضعفاء و المطبّعين فأقول : إطمئنوا .. لا نصر أكبر من كشف ضعف و زيف هذا الكيان الذي تخشوه و تُجمّلوه’ وقد ترائى للعالم أجمع هشاشته و وجههِ البشع ‘حين يُطلّ علينا وجه (ليان) ؛ طفلة بعمر الورود تتحدّث بشجاعة الحُرّ و إدراك الواثق عن الصمود ‘ فإمّا نصر او شهادة ‘ لا تخشَ أعتى الصّواريخ ‘ و لا تأبه لكل المواثيق و العهود ! ..
بحديث الرّوح ‘و بانتماء حسّي وطني أصيل ‘بفطرة سليمة و بفكر مُهيب و ثقافة حقّة لا بُد و أنّها تلقّتها من خلفيّة دينيّة وطنيّة عروبيّة ‘ فاضت جوارحها بحديثٍ جلل ؛ أجزم بأنه لامس وجدان الشعوب ليتغلغل فيها و يخترق شغاف القلوب ‘ حينَ بثّت فينا هذه الطفلة الغزّاويّة الفلسطينيّة العربيّة الأصيلة )من القوّة و الأمل ما عجزَت عنه سياسات دُوَل و أنظمة ..
اكثر من ألف مرّة شاهدت هذا الفيديو و كأني أتحصّن بكلمات هنّ الباقيات الصّالحات .. في واقع فقد قُدسيته…!
كانَ درساً في الصمود و لا أجمل ‘حينَ استوقفها أبوها سائلاً عن حالها و شعورها ‘تحت وطأة هذا القصف و العدوان ‘
بكل بأس و إصرار’ و جلال هيبة ( يفتقدها أكبر السّاسة و الزّعماء ) ‘ جاءت هذه الطفلة من غزّة لتُعلّمنا إحدى دروس العزّة ‘ تتحدّث بروح الواثق و نَفس المطمئن ‘بينما يصمت و يتغيّب أصحاب القرار !
ببراءة و جمال الطفولة (المُستهدفة)
تحمل بيَد حبّة ليمون و بالأخرى قطعة بسكوت بالشوكلاته ؛
تخبرنا بأنها ( جايه من الدكانه) ففي قلوب الشجعان لا مكان للخوف و لا استكانة!لا الهروب حل و لا الإستسلام ‘ خيار ..
الثبات منهج ‘ الحريّة اعتياد’ و الصمود قرار ..برغم أنف ( القصف و الدّمار )! و كأنها تُلقّنا درساً في المبادئ و الحقوق و تُؤكد للعالم أجمع : (ما منخاف و لا منركع ) ..
دعوني أقول أيها السّادة.. لو أنّ هذا الإحتلال قضى على آخر قائد في الميدان ‘ لن ينال من عزم أصغر طفل تشرّب فكر المقاومة ‘عاش الصّراع و عايشَ المأساة اليوميّة لأب أو أم أو أخ شهيد ‘ لقريب أسير أو عزيز عاجز ‘ أو مُبْعَد ..
و بلهجتنا الفلسطينية نقول (‘ قاعدين إلهم مَقعَد )..
حتى صار عمرهم أكثر من ألف عام بعمر الوجع ‘ سنوات بعمر البطولة’ قرون بعمر الصمود..
شكراً ( ليان ) و تحية إجلال و إكبار لمن علّمكِ و علّمنا معنى الحياة ‘ فقد شحنتم أرواحنا بالقوّة و الأمل و الحياة … بعد أن كادت أن تنطفئ..