المجتمع المدني والحكومة يتابعان تنفيذ خطة عمل توصيات ورشة “تفعيل الثقة والحوكمة الرشيدة”
انجاز : “هل تريد الحكومة مؤسسات مجتمع مدني محصورة وقائمة على تقديم المساعدات الخيرية فقط، أم هي بحاجة لجهات تنموية وحضارية وفكرية مساندة لها؟”، من هذا السؤال الذي جاء على لسان المستشارة الرئيسية في مؤسسة درة المنال للتنمية والتدريب وعضو الهيئة الإدارية في تحالف جوناف، د. سوسن المجالي، تابعت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) والتحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف)، خطة عمل التوصيات التي خرجت عن ورشة العمل الاستراتيجية: “إطار شراكة بمفهوم جديد: تفعيل الثقة والحوكمة الرشيدة”، والتي عقدت في شهر حزيران الماضي في البحر الميت.
ويأتي اللقاء استكمالا لورشة العمل التي حضرها ممثلين عن الجهات الحكومية، ومؤسسات وجمعيات المجتمع مدني، والإعلام، ومؤسسات وطنية أخرى، في محاولة لتقييم واقع المجتمع المدني، وتقديم نظرة جديدة له، فضلاً عن تحديد التحديات التي تعيق مساحات العمل المدني والتخفيف من أثر هذه العقبات.
وبينت المجالي أن الهدف من هذا اللقاء ما أجمع عليه المشاركون في الورشة الاستراتيجية حول أهمية مؤسسات المجتمع المدني ودورها في المجتمعات، وتوطيد علاقات الشراكة بين مختلف الجهات المعنية، وتنفيذ ذلك على أرض الواقع، من خلال آليات فعالة للعمل بشكل تكاملي، وليس الاكتفاء بالنقاش حولها.
من ناحيتها، أوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية (أرض)، سمر محارب، أنه تم تقسيم خطة عمل التوصيات إلى ثلاث مراحل: قصيرة المدى، ومتوسطة، وطويلة المدى؛ حيث احتوت الورشة على أربع جلسات رئيسية: الأولى حول واقع المجتمع المدني في الأردن: الاستثمار مقابل الأثر، والثانية المجتمع المدني والديمقراطية، أما الثالثة فبحثت بناء التحالفات وتأثير أصوات المجتمع المدني، فيما ناقشت الجلسة الرابعة بناء الثقة والشراكة بمفهوم جديد بين مختلف الجهات.
وذكرت محارب مجمل التحديات التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني، والتي تتركز بإشكالات داخل المجتمع نفسه، والفجوة بين المجتمع المدني والجهات الرسمية، وكذلك تعدد التشريعات والسياسات الحكومية، إضافة إلى تحدي علاقة هذه المؤسسات مع الجهات الممولة وأولويات التمويل من حيث عدم استدامة المشاريع على سبيل المثال، وصولاً إلى قضية الإعلام وعلاقته مع المجتمع المدني.
واستكمالاً لتوصيات الورشة، أكد المشاركون على حاجتنا الماسة لإنشاء هيئة مرجعية واحدة مستقلة مالياً وإدارياً لإدارة العمل المدني، للحد من التنازع بالأدوار والأولويات بين الجهات الحكومية القائم حالياً، وهو ما يتطلب مراجعة مسودة القانون الجديد للجمعيات، وإشراك المجتمع المدني بمراجعة وصياغة بنود القانون بالتوافق.
وخلصوا إلى أن أهم التحديات الموجودة في مجتمعنا، تتمثل بالتخوف من المشاركة السياسية والانخراط بالأحزاب، وبالتالي، يأتي دور المجتمع المدني كمنظومة فاعلة للتجهيز للبناء الاجتماعي والسياسي والخيري، وتدعيم الديمقراطية، من خلال تنشئة أجيال أكثر انتساباً واشتباكاً بالعمل السياسي، مبينين أن مسؤوليات وأدوار المجتمع المدني تنضوي تحتها العديد من المهام المجتمعية المرتبطة بالممارسة الديمقراطية، وخاصة لفئات المجتمع الأقل تمثيلاً كالمرأة والشباب.
وشددوا على ضرورة دعم استقرار وصمود الجهات الفاعلة المحلية في المجتمع المدني وقياداتها، مع أهمية تقييم احتياجات هذه الجهات الفاعلة ومواردها للتعامل مع مسألة تضاؤل الحيز المدني، إلى جانب الوصول الى توافق وطني، وتعزيز القناعة المجتمعية بأهمية المؤسسات المدنية، والعمل على ضمان دعم وسائل الإعلام في تقريب وجهات النظر ودعم الشراكة بين مكونات القطاع العام.
واقترحوا تشكيل لجنة تضم الحكومة والمجتمع المدني، مهمتها التنسيق وعقد لقاءات دورية مع الجهات المختلفة وصناع القرار، وتمهيد الفرص لعمل التحالفات، وإبراز قصص النجاح ودراسات الأثر التي تقوم بها الحكومة والمجتمع المدني للمجتمع، وكذلك العمل على دعم الشراكة بين المجتمع المدني ومكونات الحياة السياسية في الأردن، من مجلس أمة، وحكومة، وأحزاب، ونقابات.
ودعا المشاركون إلى تشكيل تحالف إعلامي يساهم بنشر الوعي والتقليل من الإشاعات والسرديات السلبية المنتشرة بخصوص العمل المدني، والعمل على دراسات وأبحاث نبني عليها احتياجاتنا وأولويتنا، وأيضاً إلى دراسة ملف التمويل الأجنبي، وأثره الاقتصادي، مع دعم وجود تحالفات نوعية متخصصة بين مؤسسات المجتمع المدني، والسماح بتسجيلها، لتعمل على نقل المعارف والخبرات فيما بينها.