القرالة يكتب: الاستثمار في الدحدوح لصالح فلسطين
كتب :الدكتور ذيب القراله
لا شكك ان الاعلامي الفلسطيني وائل الدحدوح اصبح شخصية عالمية (بكل ما يعني الوصف من دلالات)، يحترمه ويتعاطف معه الملايين من البشر على امتداد جغرافيا المعمورة، بسبب مهنيته العالية وصبره (الايوبي) وصلابته غير المسبوقة، وهو الذي فقد في غضون اسابيع زوجته وابنته وولديه وحفيده، الذين ارتقوا شهداء في غزة، على ايدي قوات الاحتلال الهمجي الاسرائيلي.
ورغم كل هذا الذي جرى، ما زال وائل صامدا، ويمثل النموذج الحي لجبروت الشعب الفلسطيني، وما زال هذا (الشاهد) و(والد الشهداء) متماسكا وبطلا ورجلا جبلا، لم يبتلعه الطوفان، ولو كان اي واحد منا مكانه، لهزته الريح واصبح انسانا محطما، لا يقوى على ان ينطق بكلمة، من هول الفاجعة، لكنه استمر كالطود الشامخ، يؤدي رسالته الاعلامية، ويناضل بالكلمة والصورة عبر قناة (الجزيرة) ويعري الاحتلال في كل يوم ويكسب مزيدا من المتعاطفين مع قضية الشعب الفلسطيني التي لا تمثل (حرب غزة) الا فصلا من فصولها وصورة من تجلياتها.
من رحم هذا الواقع المر مرارة العلقم، على الفلسطينيين والعرب واحرار العالم، وعلى كل شخص يملك ادنى مقومات الانسانية، يبرز السؤال هل بالامكان (الاستثمار إعلاميا)، في شخص وائل الدحدوح، وبما يخدم قضية فلسطين، ويكشف الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال، وجرائمها ضد ابناء الشعب الفلسطيني؟.
الدحدوح (الذي اصبح معروفا على مستوى العالم اكثر من رؤساء دول)، هو والد شهداء، وزوج شهيدة، وشقيق شهيد، وجد شهيد، وهو نفسه (مشروع شهيد) في أي لحظة، واجزم انه يتمنى الشهادة، ولكن بقاءه حيا كشاهد على معاناة شعب كامل، والاستثمار في ذلك اعلاميا وانسانيا على المستوى العالمي، هو ما نحتاجه الآن، اذا ما نظرنا الى الموضوع من منطلق المصلحة العليا، للشعب الفلسطيني خاصة، والشعوب العربية عامة.
والسؤال، ماذا لو قررت جامعة الدول العربية بان يكون (الدحدوح) هو الناطق الرسمي باسمها عندما يتعلق الامر بفلسطين، في جميع المحافل والمنابر والمنتديات الدولية، لكي يذكر العالم كل يوم بما جرى ويجري، ولكي يؤنب وجوده ضمائر كل المتخاذلين عن نصرة الحق.
وماذا لو وفرت له الجامعة (بصفتها ممثلة لكل العرب) الفرصة، ليجول العالم متحدثا باسمها، ومعبرا عن مواقفها، وليكون (شاهد حي) على ما جرى للشعب الفلسطيني في غزة خلال الاشهر الماضية.
اجزم بان الدحدوح، سيكون اكثر اقناعا للشعوب الحية، بافرادها ومؤسساتها، من معظم سفراء ووزراء الخارجية العرب، وسيكون الابلغ في التعبير عن حجم المأساة التي عاشتها غزة، وهو الاكثر قدرة في التأثير على الاخرين، وهو الاحق في التحدث باسمنا جميعا، لانه (دفع الثمن) غاليا من حريته عندما كان معتقلا، ومن (ارواح ودماء) احبائه وهو راض محتسب.
ماذا يضير من يملك المال العربي، سواء على مستوى الافراد او الشركات او الدول من انشاء (مؤسسة منتجة) تستلهم عزيمتها من الدحدوح، وتسخر لها كل الامكانات المالية، لتعمل (فكريا) على مستوى العالم من اجل شرح معاناة الشعب الفلسطيني، وكسب مزيد من المتعاطفين والمؤيدين لقضيته، وفضح جبروت دولة الاحتلال وجرائمها المستمرة منذ ٧٥ عاما.
نحن كعرب، ننفق الكثير من الجهد والمال، على امور لا نجني من ورائها الا القليل، فلماذا لا نستثمر (اللحظة) المناسبة، و(الشخص) المؤهل، لنوصل رسالتنا الى (الآخر) في عقر داره، ونخاطبه بلغته، وبوسائل اعلامه، وفي مدرجات جامعاته.
ورغم يقيننا ان حجم (النفاق) لدى الدول الغربية تحديدا، قد بلغ مبلغه، واظهر اسوأ ما فيه خلال الاشهر الماضية من ملحمة غزة، ولكن العالم واسع، والاوضاع متغيرة، وان نبدأ متأخرين خير من ان لا نبدأ ابدا، وما يدريك لعل الله يحدث بعد ذلك امرا.