د. راكز الزعارير
تعتبر القرارات التي أصدرتها محكمة العدل الدولية بناءً على الدعوى التي تقدمت بها دولة جنوب أفريقيا حول الحماية من الإبادة الجماعية وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جيش الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزه مكسبا سياسيا كبيرا على المستوى الدولي لقضية الشعب الفلسطيني وحقوقه المغتصبة من قبل إسرائيل، وما يعانيه شعب فلسطين من الاحتلال منذ عام ١٩٦٧ في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولأول مرة تشهد القضية الفلسطينية هذا الحشد الدولي من التأييد الشعبي والرسمي لعدالة قضيته وما يتعرض له من الإضطهاد والقتل من قبل دولة الاحتلال.
المكاسب الفلسطينية التي يحققها القرار، أنه وضع إسرائيل في دائرة الاتهام من قبل أكبر
وأهم محكمة عالمية تتبع لمنظمة الأمم المتحدة، وميثاق المحكمة الدولية يحظى بتأييد وموافقة وتوقيع أكثر من ١٥١ دولة في العالم بما فيها إسرائيل، التي يتوجب عليها بموجب
نظام المحكمة الالتزام بالقرارات الصادرة عنها.
الأهمية تأتي أولا من قرار المحكمة بقبول الدعوى من حيث الاختصاص القضائي من دولة عضو هي جنوب أفريقيا، وعلى دولة متهمة هي إسرائيل وهي عضو أيضا ضمن الدول الموقعة
والملتزمة بنظام المحكمة.
كما أن قرار المحكمة الزم إسرائيل وطلب منها تزويدها بتوضيحات حول الاجراءات والتدابير المتخذة من جيشها في العمليات العسكرية لحماية المواطنين الفلسطينيين من الإبادة الجماعية، ووضع القرار إسرائيل وجيشها في دائرة الشك أمام المحكمة في عدم تحرزها في
عمليات عسكرية ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة.
وأن من الأهمية أيضا في القرارات الصادرة عن المحكمة ما تعلق بالتدابير التي يتوجب على المحكمة الحكومة الإسرائيلية اتخاذها لوقف تحريض قيادات إسرائيلية رسمية في الحكومة لتنفيذ عمليات إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، والتي صدرت وتكررت هذه التحريضات من أكثر من وزير في حكومة اليمن المتطرف بزعامة نتنياهو حاليا وخاصة بعد ٧ أكتوبر.
وتشكل قرارات المحكمة عامل ضغط كبير وقوى على حكومة وجيش الاحتلال، ووضعتهما تحت المراقبة والمتابعة حاليا ومستقبلا في وعدوانها على الشعب في غزة والضفة الغربية، واستمرارها بارتكاب المخالفات للقوانين الدولية والإنسانية حول التدبير الأساسية الواجبة للحماية من الإبادة الجماعية، وكذلك أكدت قرارات المحكمة على اتخاذ الاجراءات الفورية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بالسرعة الكافية لأهل غزة.
كما رسخت هذه القضية والقرارات التي أصدرتها المحكمة الدولية في مراحلها المختلفة حتى الآن، مبدأ وسابقة قضائية دولية تؤكد أن إسرائيل ليست دولة فوق القانون الدولي، وهو مكسب قانوني وسياسي كبير للقضية الفلسطينية والمملكة الأردنية الهاشمية بشكل خاص، لاعتبارات متعددة على رأسها حقوق الشعب الفلسطيني الغير قابلة للتصرف في وطنه وعلى أرضه، و حق رعاية جلالة الملك عبدالله الثاني والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
Rzareer@hotmail.com
من جانب آخر كان هناك إحباط مبرر للرأي العام
العربي والأردني والفلسطيني من عدم تضمين قرارات المحكمة أو اتخاذها قرارا صارما واضحا لوقف فوري لإطلاق النار، ووقف الحرب وإنقاذ أرواح ابناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية من الأبرياء من النساء والأطفال والمدنيين الذين يقتل العشرات بل المئات منهم من قبل جيش الاحتلال يوميا بعملياته
العسكرية.
كتقدير استراتيجي للقضية وقرارات المحكمة فان قبول المحكمة الدعوى من حيث الاختصاص، وقراراتها التي أمرت فيها إسرائيل باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية، والتأكيد على تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة واستمرارها، تعتبر مكسبا مهما للقضية الفلسطينة على طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أرض فلسطين المحتلة عام ٦٧ وعاصمتها القدس
الشرقية.