د.حسام العتوم
مع بدء العد التنازلي تجاه الانتخابات الرئاسية الروسية بتاريخ 17/ أذار / 2024 و ترشح رئيس روسيا الاتحادية الحالي فلاديمير بوتين للمرة الخامسة الى جانب قائمة من المنافسين و سط الأحزاب السياسية الكبيرة الشيوعية و الليبرالية و الديمقراطية و غيرها . و تزامنا مع اعلان ( البنتاغون ) بتاريخ 19 / كانون الثاني / 2023 حزمة جديدة من المساعدات العسكرية و المالية لنظام ” كييف ” ، و حتى قبل ذلك صعدت أمريكا عبر مدير استخباراتها وليام بيرنز من هجومها الاعلامي على روسيا و على رئيسها المنتخب بوتين لأربع جولات رئاسية سابقة ، و اصفا اياه بمن جلب العار لروسيا ، و بدأت السفارة الأوكرانية بعمان و باللغة العربية و بمساعدة صديق بمهاجمة من يكتب في شأن السياسة الروسية – الأوكرانية و العلاقة مع الغرب و ( الناتو ) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بهدف تكميم أفواه الصحفيين ، و حتى بمهاجمة كتابات سعادة السفير الروسي بعمان و الرئيس بوتين ، رغم أنها لم تتطرق للشأن الأوكراني و انما انتقدت عدم عدالة المحكمة الدولية و التي تعمل بالمناسبة على غرار محكمة الجنايات الكبرى التي أدانت الرئيس الروسي بسبب العملية / الحرب الروسية الإستباقية الدفاعية التحريرية في مواجهة حرب أوكرانية تقودها العاصمة ” كييف ” و عواصم الغرب بقيادة العاصمة الأمريكية ” و اشنطن ” . و بالمناسبة للصحفي الأردني مظلة قانونية تحميه الا وهي نقابة الصحفيين ، و السفير الروسي بعمان ترعاه الخارجية و الدولة الأردنية .
وفي المقابل ، و لقد سمعتها من خلال الإعلام الروسي ، من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، بأنه لا يسمح لنفسه بالهبوط أخلاقيا لمهاجمة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي شخصيا ، و بأنه غير مستهدف لدى موسكو ، و هو ما أكده نائبه لشؤون الأمن القومي دميتري ميدفيديف . و روسيا في عمليتها العسكرية أو في حربها كما يحلوا للجانب الأوكراني في ( كييف ) تسميتها بتاريخ 24 / شباط / 2022 لا تستهدف أوكرانيا و لا الأوكران ، و تعتبرهم أخوة و جيران . و ليس صحيحا أن روسيا تشن حرب ابادة ضد أوكرانيا و حادثة ” بوجا ” بالمقارنة مع حرب نظام ” كييف ” ضد الشعبين المتداخلين الأوكراني و الروسي و على مدى ثماني سنوات منذ عام 2014 وحتى عام 2022 و التسبب في مقتل و تشريد أكثر من 14 الفا مثل أكبر ، ونقل روسيا للأطفال الأوكران الى داخلها هدفه حمايتهم من الحرب فقط ،و هو ما أكده للإعلام وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف . و هي ، أي روسيا ، التي دعت ( كييف ) للحوار مبكرا ، و لتنفيذ اتفاقية ” مينسك ” لعام 2015 بعد اشراك بيلاروسيا و فرنسا و المانيا فيها ، و لكي يستتب الأمن و الأستقرار في أوكرانيا و لتحصل على سيادتها طوعا ، تفاجأت بضغوطات الغرب و خاصة أمريكا التي حالت دون تطبيق الاتفاقية و الذهاب الى السلام ، و تم في ” كييف ” و عواصم الغرب استبداله بحرب و تمويل مالي و عسكري من طرفهم بلا نهاية .
و بالمقارنة بين خطاب سفارة أوكرانيا بعمان الداعي للوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني في غزة و صولا لحل الدولتين ، و لعدم تظليل الشعب الأردني بالدعاية الروسية ، فأنني لم أسمع من الرئيس الأوكراني زيلينسكي أثناء خطابه الأخير في الكينيست الإسرائيلي كلمة واحدة مساندة لحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره ، و صولا لبناء دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشرقية ، بعد الوقف الضروري و الفوري لإطلاق النار . و ركز زيلينسكي حديثه في إسرائيل على حادثة قصف روسيا لتمثال ” الهولوكست ” لاستدرار تعاطف اليهود و إسرائيل ، و بهدف الوقوف عسكريا الى جانب ” كييف ” عبر الحصول على أسلحة دفاعية تتميز فيها إسرائيل ، و لتوجيه عقوبات لروسيا و يقصد اقتصادية . و يتناسى زيلينسكي بأن علاقة روسيا مع إسرائيل ديمغرافية كبيرة بوجود أكثر من مليون يهودي و روسي فيها ، و استراتيجية سياسية دائمة ، وهي التي صنعت إسرائيل التي ترعاها أمريكا و دول الغرب أيضا .
أوضح هنا من جديد بأنه ما كان لروسيا أن تقدم على إعادة القرم لعرينها وحتى من زاوية الأحقية التاريخية منذ عهد الأمبراطورة يكاتيرينا الثانية في الحرب الثانية مع الأمبراطورية العثمانية بين عامي 1768 و 1774 ، لولا اكتشافها مؤامرة غربية تتقدمها أمريكا وسط الثورات البرتقالية و انقلاب ” كييف ” عامي 2007 و 2014 هدفها اجتثاث روسيا و احلال الغرب مكانها ، و الاسطول السادس الأمريكي مكان الروسي ، و مساعدة حلف ( الناتو ) على الزحف الى وسط أوكرانيا ، روسيا . و لم تحرك روسيا علنا عمليتها العسكرية الخاصة بتاريخ 24/ شباط / 2022 من فراغ ولا من دون هدف ، و انطلقت مرتكزة على قاعدتين قانونيتين ، أولهما اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 التي لا تسمح للدول المستقلة عقد تحالفات معادية ، و ثانيهما على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تسمح للدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها . و ثمة نقطة خلاف في المقابل حول هذه المادة مع العاصمة ” كييف ” و عواصم الغرب ، رغم اقرار الأمم النمتحدة بها .
ولقد رصدت روسيا مبكرا أيضا نشر ” كييف ” و بالتعاون مع أمريكا – هانتر ابن الرئيس بايدن أكثر من 30 مركزا بيولوجيا خطيرا تتعلق بتصنيع جائحة كورونا و بثها و سط المنطقة السلافية ، و السوفيتية السابقة ، و شروع ” كييف ” بصناعة قنبلة نووية و أخرى غيرها مخفضة أعلمت الأمم المتحدة و دول الناتو بها . و التطاول على خط الغاز ” نورد ستريم ” الذي كلف روسيا 11 مليار دولار ، و التطاول مجددا و أكثر من مرة على جسر القرم الخادم للناس و للسياحة ،و الذي بلغت كلفته حوالي 4 مليارات دولار، و اغتيال صحفيين روس و أجانب في ميدان القتال و في العمق الروسي من أبرزهم الصحفية الروسية داريا دوغينا ، و التحرش بمدينة بيلغاراد الحدودية بإستمرار ، و كان أحدثها اسقاط طائرة ركاب عسكرية روسية بصواريخ ” باتريوت الأمريكية فوق بيلغاراد حسب تصريح للرئيس بوتين تحمل على متنها 65 أسيرا أوكرانيا تم تجهيزهم للمبادلة . و أعلنت موسكو كما ” كييف ” عن الاستعداد لقبول لجنة تقصي حقائق دولية محايدة .
لقد حصلت” كييف ” منذ اندلاع الأزمة – العملية – الحرب على مساعدات مالية و عسكرية فاقت مئتي مليار دولا ، و لازال الدعم الأمريكي بالذات ساري المفعول ،و هدف ” كييف ” ليس الدفاع فقط و انما التحرير . و النتيجة حتى الساعة صفر ، و لقد تمكنت روسيا من ضم حزمة من الأقاليم عددها خمسة ، و أجرت استفاءات فيها كانت نتيجتها لصالح روسيا ، وهي القرم و ” لوغانسك ، و دونيتسك ” الدونباس ، و زاباروجا ، و خيرسون ” . و عينها كلما طالت الحرب على ضم غيرها لتحصين ” الدونباس ” مثل – خاركوف ، و أوديسا ، و نيكولاي – الدنيبر . و لازالت ” كييف ” تنادي بسلام يعيد لها كامل أراضيها لتبسط سيادتها عليها ، و ترى روسيا في المقابل بأن الفأس قد وقع في الرأس ، و لا مجال للعودة للخلف سينتيمترا واحدا . ومن المؤسف قوله هنا بأن شهداء سقطوا من الجانبين وعددهم كثر ، و تم تشريد غيرهم . ومن سقط من الجانب الأوكراني بالمقارنة مع الجانب الروسي حسب مقابلة مع الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكا يعادل 8 – 1 .
وفي الختام هنا أدعو الجانبين الروسي و الأوكراني للعودة لطاولة المفاوضات من جديد بعد تحييد كامل الغرب ،و لمحاولة الوصول للحلول الوسط التي ترضي الجانبين ،و توصل لسلام دائم وعادل . و سيبقى الروس و الأوكران جيران و أخوة و تاريخ مشترك يصعب تزويره . و الرئيس الروسي بوتين ليس عدوا لأوكرانيا و لا للغرب ، و لا لأمريكا ، لكنه يرى الحقيقة و ما وراءها من ثقب السياسة ، و يجذف و بلاده المستهدفة روسيا العظمى لتشكيل عالم عادل متعدد الاقطاب لا يشبه احادية القطب المنحازة و الباحثة عن الحروب و الأزمات ومثلي هنا أوكرانيا و غزة . وفي الوقت الذي دعا فيه بوتين و بلاده روسيا العظمى عبر مجلس الأمن لوقف القتال في غزة فورا قابلته أمريكا بفيتو أوصل عدد شهداء فلسطين في حرب غزة الحالية الى 27 الفا و أكثر ، و الفلسطينيون المسالمون المواطنون يتعرضون للرصاص الإسرائيلي يوميا و سقوط شهداء كثر منهم ملاحظ . و في عمق الزمن المعاصر عندما قصفت أمريكا اليابان عام 1945 بالسلاح النووي بعد اختراعه مباشرة ، ترفض روسيا – بوتين استخدامه حتى الساعة منذ اغتراعه عام 1949 الا في حالة الاعتداء المباشر عليها و على الحلفاء فقط . و الرئيس بوتين سيحقق فوزا كاسحا في أذار المقبل دون أدنى شك ، و روسيا محتاجة له . ومثلما تتهم روسيا بالدعاية الغرب الأمريكي يمارسها بإحتراف . و القلم لا يجف و الحقيقة لا تغطى بغربال .