الدكتور محمد كامل القرعان
في إطار علاقات التحالف الجسدي ين أميركا وإسرائيل والخصوصية والتميز في العلاقات التي تعد فيها إسرائيل «دولة أولى بالرعاية فإن من المفارقات الدالة أن الخلاف بين بايدن ونتنياهو حول حل الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية الذي يريده بايدن ويرفضه نتنياهو بشدة هو خلاف لصالح دولة الاحتلال من وجهة نظر بايدن، وقناعة بايدن أن حل الدولتين يتيح فرصة استثنائية لدمج إسرائيل في المنطقة باكملها، كونه أملا إسرائيليا على مدى العقود الماضية ولا يزال حتى الآن، ولكن المشكلة أن نتياهو يريد أن يحدد الصيغة التي يتم من خلالها ذلك الهدف وهي الصيغة التي تقوم على أساس المفاوضات المباشرة مع الفلسطينين دون شروط مسبقة ودون إملاء أو تدخل دولي من جانب الأمم المتحدة، وهذا يعني ببساطة إدخال الفلسطينيين في دوامة التفاوض دون ظهير داعم لهم وليكونوا طرفا ضعيفا أمام إسرائيل كما ان هذه شروط لا يمكن أن تحقق نجاح أي اتفاق ممكن بين الجانبين وبالتالي الفشل في تحقيق السلام والأساس الذي ينبغي أن يقوم على أساس حل
الدولتين.
ونظراً لأن بايدن يدرك جيدا أن ذلك يحقق مصلحة إسرائيل في النهاية فإنه يخاطر بالخلاف مع نتنياهو الذي يفكر الأخير من منظور مصلحته الشخصية في الاستمرار في الحكم لأطول فترة ممكنة وتقويض فكرة إقامة
الدولة الفلسطينية طالما استمر في الحكم.
ومن الأهمية بمكان التأكيد على أن قناعة بايدن بحل الدولتين لا يأتي فقط من انحياز أميركا الإسرائيل على حساب تفتيت المنطقة وإضعاف قواها والتخلص من أي تهديد من جانب حركة حماس الإسرائيل وبالطبع ضد المصالح الفلسطينية والعربية على طول الخط، وفي حين يتمنى بايدن النجاح في تحقيق حل الدولتين أو على الأقل إرساء أسسه قبل أن يغادر البيت الأبيض في 20 يناير المقبل.
وإذا لم ينجح في انتخابات الرئاسة فإن توعد ترامب المرشح الجمهوى المنافس له بالانحياز «لإسرائيل وضد العرب بنسبة 100 بالمائة » وأنه لن يعتذر ولن يبرر ما يقوم به وذلك بلغة تحمل تحديا واضحا لمنافسه بايدن على مستوى الناخبين الأمريكيين، وذلك يضيف سببا آخر لمبالغة بايدن في الانحياز لنتنياهو سواء بالمبالغة في دعمه عسكريا بحشد أضخم قوات عسكرية برية وبحرية وجوية في المنطقة بعد السابع من أكتوبر الماضي من ناحية، والمبالغة أيضا في الدعم المالي والتسليحي والسياسي الإسرائيل داخل الأمم المتحدة وخارجها ليحافظ على ارتباط نتنياهو به في فترة الانتخابات
الرئاسية الحرجة. وعلى ذلك فإن تأييد بايدن لاستمرار الحرب في
ويبدو السياسة الخارجية للولايات المتحدة في معظمها مرهونة إلى حد كبير بسياستها الداخلية، وهو ما أثبتته هذه الحرب.
إلى جانب ذلك، فإن التغير البسيط في تعامل واشنطن مع نتنياهو، أدى إلى تراجع متزايد لحظوظ بايدن أمام ترامب في الانتخابات المقبلة. وإذا كانت واشنطن تطيل زمن الحرب في غزة وهي بذلك تكون شريكا لإسرائيل في القتل والإبادة الجماعية، فهل تتحمل المسؤولية وتدفع الثمن؟