رمزي الغزوي
أراهن في هذه الزاوية، أن نوابا لم يتفوهوا بكلمة واحدة طيلة الأربع سنوات البرلمانية، حسبما أعلن مدير مركز الحياة «راصد» سيعودون نواباً في المجلس النيابي القادم بعد أشهر قليلة، ولربما سيعبر بعضهم إلى المجلس الذي يليه، حتى ولو ظلوا صامتين، فمعادلة التنويب أو النيابة لا تأخذ بمثل هذه المعطيات في الحسبان أو التفاضل.
منذ بضع سنوات يخصص المركز لكل نائب بطاقة أعمال مفصّلة تبيّن عدد أيام حضوره للجلسات وغيابه عنها بعذر أو بغيره، ومناقشاته ومداخلات، وكذلك أداؤه الرقابي والتشريعي، من حيث عدد الأسئلة والاستجوابات والاقتراحات التي تقدم بها عبر رئاسة المجلس إلى الحكومة. وهذا جهد مشكور أخشى مع الأسف الشديد أن يدرج في منزلة الأشياء المهدورة، عديمة النفع والجدوى، التي لا يعول عليها مثقال ذرة في موازين العلاقة بين الناخب والنائب؛ لأن الوصول إلى المجلس النيابي، كما هو معروف وموصوف لدينا، لم يكن مشروطا بضرورة تمكن المرشح من أدواته ومواهبه وقدراته بقدر تسلحه بمعطيات مجتمعية يعرفها الجميع، كما أن تلك العلاقة لا تقف عند نشاط النائب ودرجات جموده وخموده. الوصول للنيابة يخضع لمعادلات أخرى لا تمت بصلة لمعطيات أو نتائج تلكم التقارير.
تنتهي مهمة ناخبنا في العادة بفرحه ورقصه بوصول مرشحه المحدّد إلى المجلس. لكن هذا الناخب يتدرع باللامبالاة فيما بعد فهو لا يعاتب ولا يحاسب ولا يسأل، ولا حتى يأبه إن كان نائبه نائبا حقيقيا يقوم بدوره أم غير ذلك. الناخب يدير ظهره ولا نراه إلا في معمعة الانتخابات القادمة للمساهمة في ايصال نائب جديد، أو نائبه الحالي.
فلم يحدث يوما أن نائبا حوسب على تقصيره أو عدم كلامه أو كوفئ على جده واجتهاده، فالنيابة عمل مضن شاق على العكس تماما، فقد نجدّد للمقصر ونعيده إلى كرسيه قبل أن يبرد، ونقصي المجد المتفاني ونرشقه بالماء البارد وهذا شيء مرصود لمن أراد أن يتأكد.
نحن لسنا سلطة خامسة نستطيع محاسبة نائبنا، أو على الأقل نعاتبه أو نستهجن ضعفه وقلة مشاركته وكلتمه، أو لماذا يغيب عن جلساته نحن لا نتمتع بذاكرة قوية نستطيع استخدامها عند مواجهة صناديق الاقتراع، فنقصي المقصر وتجدد للمجدبل نحن بذاكرة سمكية، لا تدخر حدثاً من أحداث مرت علينا قبل ثوان معدودات. الله الدايم