سعد عناب
ليتني كنتُ أفهمه …!
الأستاذ سعد عناب
من أصعب ما يواجهه الإنسان في حياته أن يعيش بين قومٍ لا يفهمونه؛ فيقضي عمره وحيدا إلا من نَفسه ،وهذا ما يُسَمّى بغربة الرّوح .بينما يفهمهُ الأباعد ،رغم البعد المكاني بينهم. إنها المعاناة بكلّ أبعادها المؤلمة .حين يرحل هؤلاء عن هذه الدار يتركون في قلوب الذين مِن بعدهم حسرة وندما على ما فات ،يعبّرون عنهما عادة بعبارة “ليتني كُنْتُ أفهمه “!لا شيء في الدنيا يستعصي على الفهم والاستيعاب إن صفت القلوب وحسُنَت النوايا .
***
قالت :كلُّ شيءٍ يأْتي على مراحل إلا الحزن ؛ يأتينا كبيرا ثم يصغر مع الأيام شيئا فشيئا .شيئان يُخرجاننا من دائرة الحزن :الجانب الديني الروحاني ،ثم المشاركة الوجدانية من أحدهم .وهذا يخلق توازنا بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر .الآن ما عليك إلا أن تتكلم …تكلّم بأي موضوع يأتي على بالك ،أم أنّك تخشى أن تخدش الصورة الجميلة التي رسمتها لنفسك ؟ستقول :ما عندي شيء أقوله ،بينما تخفي أشياء وأشياء في بئر الحرمان العميق الذي في داخلك…
هذه لقطة أشبه ما تكون بجلسة علاجٍ نفسيّ ،أو جلسةِ استجوابٍ استخباريّ …لم يتكلّمْ رغم كُلّ التشجيع الذي تلقّاه ،ورغم الاستفزاز ،الذي سمعه منها وهي تقول له :أنت تخاف كثيرا ،وهل ندمت لأنّك عشتَ مُستقيما ؟لا أظن أنّ أسئلةً كهذه لا تُطْرحُ علينا أو نطرَحُها على أنفسنا كلّ يوم .أحدنا يعيش في عالمين مختلفين :عالم ظاهري منظور معروف للناس جميعا ،وآخر داخلي مخفيّ، نُخفي فيه جوعنا وعطشنا إلى الحرية والانعتاق و…
لا أدري كيف يُبدع الجائع والخائف؟كيف نُبْدع ،ونحن نعيش هذا التناقض العجيب الغريب ؟كيف نفهم بعضنا وصدورنا تفيض بالمشاعر الملتهبة والحاجات المكبوتة ؟إنها حضارة شرقنا التي قامت على الكبت والحرمان تحت مسميات التهذيب والورع!للأسف شئنا أم أبينا نحن مرضى نفسيون بشكل أو بآخر،مرضى يعانون من جشع الأطباء وغلاء الدواء !
2 تعليقات
المهندس خالد العنانزة
مقال قيم يتضمن مشاعر انسانية نبيلة كل التحايا
رواء عناب
النفس فعلا اسيرة في هذا العالم المادي البحت، فكيف لو كانت نفسا وروحا مرهفة ه متميزه!! لا يمكن تصور حجم الثقل الذي سيقع على عاتقها والتعب من اجل التحرر…
دمت طيباً والدي العزيز وسلمت الأنامل