نضال منصور
بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران يمكن الاستنتاج أن معركة كسر عظم بين الدولتين لن تحدث، رغم كل التأجيج، والتهديدات، والمعارك الكلامية، وهذا يعني أن حربا إقليمية واسعة النطاق احتمال ضعيف، إن لم تكن مستبعدة، وهذا يشي أيضا أن الولايات المتحدة الأميركية إن أرادت لجم الاحتلال الإسرائيلي فعلت، وهو الضغط الذي مارسته على تل أبيب للتوافق على أهداف الضربات الصاروخية على إيران.
كان الحديث المتداول أن إسرائيل ستوجه ضربات للمفاعلات النووية الإيرانية، وستكون على أجندتها ضربات للمنشآت النفطية، ورموز سيادية للدولة، وكان ضمن بنك الأهداف الحرس الثوري، وفيلق القدس، وقيل إن الاحتلال سيغتال قادة كبارا في طهران، لكن كل ذلك لم يحدث، واكتفت تل أبيب بضربات لقواعد للصواريخ، والسؤال الآن؛ هل ستتوقف الضربات المتبادلة بين إيران، وإسرائيل، فكلاهما أكد لجمهوره قدرته على الفعل، والوصول إلى العمق، وهل ستلتزم إيران بعدم الرد، والاكتفاء بالتحرك، والمناورة، والاشتباك من جبهات أخرى، وأطراف أخرى بالوكالة، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن؟ تهدئة التصعيد العسكري هدف تسعى له الإدارة الأميركية قُبيل الانتخابات الرئاسية للبيت الأبيض، والحزب الديمقراطي يواجه امتحانا عسيرا، فهو منذ السابع من أكتوبر يفقد داعميه، وكل يوم يمضي يصبح صورة أقرب للجمهوريين، والدعوات في أميركا لمعاقبته، ووضع ورقة بيضاء من جمهور كان محسوبا عليه تتزايد، فهو في ورطة لا يُحسد عليها، واندلاع حرب إقليمية قد تكون قاضية عليه، ولهذا فهو يسعى بقوة لتطويق احتمالات توسع الحرب.مشكلة وقف الحرب، والتوصل لهدنات طويلة ليست في طهران، أو عند حماس، أو حزب الله، بل عند رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، فوقف الحرب يعجّل بنهايته السياسية، حتى ولو منحته استطلاعات الرأي تقدما بعد اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصرالله، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار.حماس لم تنتهِ باستشهاد السنوار، وما تزال تُقاوم، وهذا بعد أكثر من عام يُعتبر نصرا، وما لم توافق إسرائيل على صفقة تبادل للأسرى عادلة، تعطي للشعب الفلسطيني، وحركة حماس مكاسب فإنها بعد كل هذه التضحيات لن توافق، ومهما كانت الضغوط الدولية، والعربية على قادة حماس، فإنها لن تنجح.وحزب الله رغم الضربات المتتالية والموجعة له، بدءا من اغتيال أمينه العام، نصرالله، مرورا بكبار قادته، وليس انتهاء باختراق شبكة اتصالاته، وتفجيرات «البيجر»، رغم كل ذلك لم تُشل قدراته، وما يزال صامدا في الجنوب، ويوقع خسائر في جيش الاحتلال، والتخلص منه داخليا ليس سهلا، ومحاولة بناء سلطة لبنانية دونه، وإقصائه مسألة شائكة، والوصول إليها قد يدفع لبنان إلى صراع داخلي، ويتطلب تدخلات دولية فاضحة.السيناريو المُرجح بعد كل هذه التحولات، أن المجتمع الدولي ربما يكون مهتما ألا تتوسع الحرب في المنطقة، ويضغطون على تل ابيب وطهران لضبط النفس، وإسدال الستار على المواجهات، والمعارك المباشرة، لكن في المقابل فإن لا خطوط حمراء امام الاحتلال الإسرائيلي لاستمراره في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ولا خطوط حمراء أمامه لاستمرار معركته في لبنان، والاعتداء على سيادته، والسعي لتطهير المناطق الحدودية من مقاتلي حزب الله، حتى لو كان الثمن تدمير لبنان.بعد عام على العدوان الإسرائيلي على غزة، وبعد فشل الأمم المتحدة الذريع في وقف الحرب، وضمان السلم، وبعد صمت وتواطؤ المجتمع الدولي في غالبيته، فإن «قانون القوة» هو ما أصبح واقعا وحقيقة، وأوهام الحلول السلمية، والتسويات داسها الاحتلال الإسرائيلي، فاليوم قادة الاحتلال المتطرفون، والفاشيون والذين يُعبرون عن جوهر الحركة الصهيونية لا يفكرون في السلام، وإنما في حروب توسع حدودهم، وتُرسخ فكرهم، وسيجدون من قادة العالم من يُساند عدوانهم!