اشرف محمد حسن
استطاع الكيان الصهيوني التنصل من اية التزامات او معاهدات دولية بل وصلت به درجة الوقاحة الى الاستخفاف بكامل المجتمع الدولي بكل هيئاته حتى ان مندوب الكيان الصهيوني الدائم لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، قد شن هجوماً حاداً ضد أعضاء الجمعية العامة ومزق صفحات من ميثاق المنظمة، احتجاجاً على التصويت على مشروع قرار يدعو لتوسيع امتيازات فلسطين كـ”دولة مراقب” خلال شهر مايو الماضي/2024 م حيث استخدم ألفاظاً حادة وإهانات وجهها للمندوبين ممثلي دول العالم في الجمعية العامة، وامتد قاموسه من وصف هيئة الأمم المتحدة بـ”الوقاحة” خلال كلمته والتي ختمها بصيحات “عار عليكم” في وجه الحاضرين .
وعقب مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في مايو الماضي إصدار مذكرات توقيف من المحكمة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت وثلاثة من أبرز قادة حماس هم رئيس المكتب السياسي للحركة الراحل إسماعيل هنية وزعيمها الراحل ايضاً يحيى السنوار وقائد كتائب القسام محمد الضيف وفي أغسطس/آب الماضي طلب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية كريم خان من القضاة البت بشكل عاجل في أوامر الاعتقال، وقال “أي تأخير غير مبرر في هذه الإجراءات يؤثر سلبا على حقوق الضحايا”، وأكد أن المحكمة تتمتع بالولاية القضائية على الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم وحشية في الأراضي الفلسطينية، وطلب من قضاة المحكمة رفض الطعون التي قدمتها عشرات الحكومات والأطراف الأخرى وقال خان في طلبه للمحكمة “من الراسخ قانونا أن المحكمة تتمتع بولاية قضائية في هذا الموقف”، رافضا الحجج القانونية القائمة على أحكام في اتفاقيات أوسلو وتأكيدات إسرائيل بأنها تجري تحقيقات فيما يثار عن ارتكابها جرائم حرب ويقول مدّعو المحكمة الجنائية الدولية إن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية .
حذر نواب جمهوريون بمجلس الشيوخ الأميركي، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان ان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي النتن ياهو ومسؤولين صهاينة آخرين، وتوعدوه بمواجهة عقوبات ثقيلة إذا ما أقدم على ذلك ونشر موقع “زيتيو” للصحفي البريطاني المستقل مهدي حسن، فحوى رسالة تهديد أرسلها 12 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ، من بينهم توم كوتون وماركو روبيو وتيد كروز، إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خان .
وجاء في الرسالة التي نشر الموقع صورة منها وحملت توقيع النواب الـ12، أنه في حال إقدام المحكمة الجنائية الدولية على إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين، فإن الخطوة ستعتبر تهديدا ليس فقط لسيادة “إسرائيل”، ولكن لسيادة الولايات المتحدة أيضا، مما ستترتب عليه عقوبات ثقيلة وفق الرسالة وهدد النواب في رسالتهم المدعي العام خان بالقول “إذا استهدفت إسرائيل، فسنستهدفك” .
كما هددوا ايضاً بفرض عقوبات على موظفي خان وشركائه، وبحظر دخول المدعي العام وعائلته إلى الولايات المتحدة وقد ختم أعضاء مجلس الشيوخ رسالتهم الموجهة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بعبارة “لقد تم تحذيرك”..!
ومن جهتها، طالبت المحكمة الجنائية الدولية آنذاك بوقف المساعي الرامية لتقويض استقلاليتها وإعاقة عمل مسؤوليها أو تخويفهم أو التأثير عليهم وطالب مكتب المدعي العام للمحكمة في بيان أصدره رداً على تلك التهديدات بالتوقف عما وصفه بترهيب العاملين في المحكمة، قائلا إن “مثل هذه التهديدات قد تشكل جريمة بحق المحكمة المختصة بجرائم الحرب” وأشار إلى أن نظام روما الأساسي، الذي يحدد هيكل المحكمة ومجالات اختصاصها، يمنع هذه التصرفات وبالرغم من ان “إسرائيل والولايات المتحدة” ليستا عضوين في المحكمة، ولا تعترفان بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية وبإمكان المحكمة محاكمة أفراد على مزاعم بارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية .
لكن.. لم يتجرأ قضاة المحكمة على المصادقة على طلب خان حتى هذا ايوم فقد أعلنت المحكمة الجنائية الدولية مؤخراً أنها ستغير لأسباب صحية واحدة من القضاة الذين سيبتون في طلب من ممثلي الادعاء لإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء النتن ياهو في تحرك حتماً يؤدي لمزيد من التأجيل في القضية حيث قال رئيس المحكمة إن رئيسة القضاة في تلك القضية، وهي القاضية الرومانية يوليا موتوك، طلبت اختيار بديل لها لأسباب صحية اليوم الجمعة، وحلت محلها على الفور بيتي هولر القاضية السلوفينية بالمحكمة ومن المتوقع أن يؤدي هذا الاستبدال إلى مزيد من التأخير في إصدار القرار بشأن إصدار مذكرات اعتقال محتملة في القضية التي تتناول الحرب في قطاع غزة، إذ إن القاضية الجديدة ستحتاج إلى وقت للإحاطة بجميع مستندات القضية..!
مؤخراً قالت المحكمة الجنائية الدولية في بيان اليوم الاثنين 11/11/2024 م ، إنها ستفتح تحقيقا موضوعيا مع المدعي العام الرئيسي لديها كريم خان بتهمة سوء السلوك الجنسي، وهي تهمة نفاها خان عن نفسه وقال خان في بيان “أحطت علما بالبيان الذي أدلت به اليوم رئيسة جمعية الدول الأطراف” في المحكمة الجنائية، موضحا أنه طلب بالفعل فتح تحقيق في المسألة وأضاف أنه سيواصل مهمته الرئيسية في الإشراف على التحقيقات في جرائم الحرب، بما في ذلك الحرب الدائرة بقطاع غزة في حين سيتعامل نوابه مع أي قضايا ذات صلة بالتحقيق المرتقب معه وبهذا الشأن أعلنت رئاسة جمعية الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، أنها تسعى إلى إجراء “تحقيق خارجي” في مزاعم سوء سلوك مفترض للمدعي العام للهيئة القضائية، كريم خان، وقالت رئيسة جمعية الدول الأطراف بايفي كوكورانتا في بيان إن التحقيق الخارجي ضروري “لضمان عملية مستقلة تماماً ومحايدة وعادلة” قالت رئيسة هيئة الرقابة على المحكمة الجنائية الدولية كوكورانتا (((إن الضحية المزعومة لم تقدم طلبا لإجراء تحقيق حتى الآن لأن حالتها لا تسمح بذلك))) ..!
اود التذكير هنا بقصة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون والذي احاك له الصهاينة مكيدة باحكام تشبه ما يحاولون فعله مع كريم خان مع الاختلاف في بعض التفاصيل منها انه لا توجد في الأساس شكوى.. وانما هي مجرد اقاويل وقصص لا وجود لها انما هي فقط لكسب المزيد من الوقت للوصول الى موعد تسلم ترامب سلطاته كرئيس وقد تكون جزءً من تهديداتهم له.. فهم من جاء سابقاً بكلينتون الى البيت الأبيض وعندما اصطدم معهم نفوه فلا يوجد لهم صديق وانما مجرد مصالح .
المتتبع للاحداث يكتشف أن وصول «كلينتون» في الاساس إلى الحكم كان بسبب مؤامرة ضد الرئيس «جورج بوش» الأب، من قبل اللوبى الصيهونى، اذ ان بوش أدى مهمته وذلك بأن استطاع إيجاد موطئ قدم في الخليج العربي من خلال وئد مشروع مجلس التعاون العربي والذي أقيم بنظام فيدرالي بين العراق والتي كانت تعد ثالث قوة في العالم آنذاك والأردن ومصر واليمن الموحد في ذلك الوقت حيث انتهى المشروع القومي العربي بدخول القوات العراقية الى الكويت عام 1990 م الامر الذي أدى الى قيادة الولايات المتحدة الامريكية تحالفاً دولياً آنذاك واشتركت به عسكرياً اكثر من ثلاثون دولة وجيشاً وكانت نتيجته فرض حصار شامل العراق وحالة انقسام في الوطن العربي وزرع قواعد عسكرية أمريكية في المنطقة فلابد من إيجاد إدارة أخرى تلبي للكيان الصهيوني المزيد من الإنجازات والمكاسب وحين رفض بعد ذلك «بوش» خلال فترة ولايته التصديق على مطالب الحكومة الصهيونية من وزارة الخزانة الأمريكية، بمنح المزيد من القروض لبناء المستوطنات بسبب انه ومن وجهة نظره في ذلك الوقت ان عليه التأني الى حين استتباب الامر وتقوية وجود النفوذ الأمريكي والعسكري في المنطقة كان لابد من تغييره بآخر، الأمر الذى أدى إلى إسقاطه فى السباق الرئاسى أمام كلينتون، رغم تقدمه فى استطلاعات الرأى الأولية، فى بداية العملية الانتخابية وقتها .
وبعد وصول رئيس أمريكا الوسيم «بيل كلينتون» إلى البيت الأبيض عام 1993، كواحد من أصغر الرؤساء فى التاريخ الأمريكى، والذي قدم للصهاينة اهم مكاسبهم حيث رعى وشهد توقيع اتفاق أوسلو ووادي عربة في خطة أولية تجاه إقامة الدولة الفلسطينية وعلى أساس قرار مجلس الامن 242 الذي يقضي بانسحاب قوات جيش الاحتلال الصهيوني ضمن المراحل التالية من الاتفاقية التي وقعت وبالضمان الامريكي والتي سعت الإدارات الامريكية المتعاقبة ليها منذ زمن الرئيس المصري الراحل أنور السادات في أواسط السبعينات من القرن الماضي الا ان كلينتون أجبر على التنحى عام 1998، بسبب فضيحة جنسية احيكت له باحكام، بطلتها المتدربة اليهودية بالبيت الأبيض «مونيكا لوينسكى»، التي لعبت الدور للإيقاع بكلينتون، بإيعاز من اللوبى الصهيونى، بسبب الوعود التى أعطاها كلينتون لياسر عرفات، زعيم السلطة الفلسطينية الراحل، بالضغط على “إسرائيل” وإقناعها بضرورة تنفيذ مراحل الانسحاب حسب اتفاق أوسلو كونه الراعي والضامن الأمريكي .
وكانت زوجته هيلارى كلينتون، وخلال حملتها الانتخابية عام 2008، قد نسب تصريحات انفعالية، تربط ما حدث لزوجها بمؤامرة سياسية، لكنها سرعان ما كفت عن الحديث فى ذلك الأمر، طمعا فى كسب تأييد اللوبى الصهيوني .
المتتبع للاحداث لو ربط التاريخ وقرأه بتمعن لوجد ان كل إدارة من الإدارات الامريكية يجب ان تقدم قرباناً للصهاينة سواء كان سياسياً او عسكرياً والرئيس المنتخب ترامب كان خلال فترة رئاسته السابقة قد قدم للصهاينة ما عرف بصفقة القرن اذ انهم تخلوا عنه خلال الانتخابات السابقة عقب حالة الاختناق التي سببتها سياسته الاقتصادية تجاه الضرائب على الواردات من الدول الأوروبية والصدامات الاقتصادية مع الصين فكان لابد من شخص غيره يقدم لهم القرابين الجديدة فناصروا جو بايدن الذي قدم لهم الكثير من الدعم والحماية خلال فترة رئاسته بما في ذلك دعمهم بكافة الاشكال في حرب الإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني واللبناني فهم بالفعل كمن يلعب باحجار الشطرنج والسؤال المهم هنا ما الذي سيقدمه ترامب من قرابين قد تصل الى خوض حروب جديدة لنيل رضا الصهاينة.. فهم من لا امان ولا عهد لهم..!