راتب عبابنة
وأنا أشاهد حلقة برنامج “في عين الحدث” على فضائية “الأردن اليوم” للإعلامي رائد قاقيش مستضيفا الدكتور مازن مرجي والدكتور خالد الزبيدي وكلاهما من عالم الإقتصاد، ومن خلال أسئلة المضيف المباشرة التي تغوص بالهم الأردني وتخرج مكنونات ما يختزن بصدور الأردنيين ومن خلال إجابات الضيفين، صُعقت وأُدمي قلبي وذهلت لهول خطورة المعلومات التي قدماها.
دعوني أشيد بألمعية مقدم البرنامج والنائب السابق وهدوئه المعهود وأسلوبه المتميز باستنباط واستخراج الإجابات من ضيفيه وبتمهيده للسؤال وتحفيز ضيفيه للإجابة التي يترقبها المشاهد وتزيل الكثير من علامات الإستفهام التي تدور بأذهان الأردنيين وهم يستمعون للحقائق الدامغة والأرقام التي لا تكذب والتي تفند ما دأبت عليه الحكومات من التضليل والتدليس على الشعب.
لنتناول جزئية المحروقات التي كانت الشغل الشاغل لحكومة النسور التي ارتفعت بعهدها المديونية أكثر من ستة مليارات بأقل من أربع سنوات. بحسبة بسيطة افترض د. الزبيدي متوسط سعر برميل النفط 50 دينارا وليس دولارا ويباع للمواطن بسعرالكاز بعيدا عن البنزين بنوعيه وبعيدا عن الغاز ووقود الطائرات. وبعد خصم التكاليف التكريرية والنقل وسعر الشراء، يعود على الأردن سنويا ما يزيد عن 4.5 مليار دينار أرباح.
بالله عليكم أليس هذا يجعلنا نكفر بالحكومات ونمقتها ونحاربها مع كل صناع القرار وكل من له صلة من قريب أو بعيد؟؟ أليس هذا الرقم كفيل بسداد المديونية والعجز ووقف الإقتراض؟؟ من حقنا نسأل: أين كل هذه الأموال؟؟ ومن يستولي عليها وبحساب من ترصد؟؟ هذا بالإضافة للموارد الأخرى والمساعدات والمنح.
كيف هذا ولا نرى تراجعا بالمديونية ولا انخفاضا بالعجز، بل هناك ارتفاع بالمديونية ربما يتجاوز المليار دولار سنويا. صار الأردن رهينة لصندوق النقد الدولي والقدرة على السداد موجودة بعد بيع مقدرات الوطن ومؤسسات كانت تدر ربحا يغنينا عن الإقتراض حتى صار الصندوق وسيلة توجيه للسياسات وفرض الشروط والذي يتلقى كل هذه الأعباء هو المواطن حتى تلاشت الطبقة الوسطى التي هي عماد أي مجتمع مما شكل خطرا له تبعاته السياسية والأمنية والإجتماعية، خطر له انعكاساته على الإستقرار المجتمعي مما سيخلق فوضى وتمردا وعصيانا وربما ثورة.
أتمنى أن يكون جلالة الملك قد شاهد تلك الحلقة بنفسه لأن من حوله ليسوا صادقين بل اتخذوا الكذب لحافا يلتحفون به. كيف الحكومة تتوقع من المواطن أن يصدقها ويثق بها ويقبل أعذارها والحقائق تتحدث عن نفسها؟؟ وكيف لذلك أن يستقيم والحكومة قد اخذت عهدا على نفسها بمحاربة المواطن بلقمة عيشه وتعمل بكل الوسائل على إهلاك الوطن؟؟
جلالة الملك رئيس السلطات الثلاثة وهو من يعيّن ويقيل ويصادق ويوافق ويرفض وليس له شريك بهذه المسؤولية. مثلما تكتمل هذه الصلاحيات بيد جلالته لا نراها تتفعل بالمحاسبة والمسائلة والعقوبة ونحن وجلالته نرى الفساد والسرقة قد استشريا بمفاصل الدولة. دعونا نفترض أن جلالة الملك تصله الحقيقة بنسسبة صفر وربما هو الواقع، لكنه رأس الدولة ونتوقع الإلتفات للشعب الذي لم يعد بمقدوره الصبر والتحمل بل وصل حد الإنفجار والإنفلات وبنفس الوقت حريص على بقاء رصيد جلالته لديه غير متاثر بالرصيد الخالي للحكومات التي تمادت ووقفت أمام حقوق الشعب وهضمتها وتجاوزت حدود صبر الشعب.
لقد اعتلت الإصوات وكثر المطالبون بتشكيل حكومة انقاذ وطني تقودها شخصية وطنية مشهود لها بنظافة اليد والنزاهة والغيرة مع طاقم اقتصادي وإداري بعيدا عن التدوير والتوريث والترضية والتنفيع وصاحبة ولاية عامة بالمعنى الحقيقي. ومجلس النواب ليس بعيدا عن الدفع باتجاه الإفقار وهو يصادق على قرارات الحكومة التي تتذرع بموافقة المجلس الذي يفترض أن يمثل نبض الشارع، لكنه جسد بلا روح وديكور أمام الشعب والعالمز
من يفترض بهم أن يكونوا الجسر الواصل بين الملك وبين الشعب هم أنفسهم من ينسفوا هذا الجسر لخلق فجوة وأراها تتسع إذا لم يتم جَسرها لتصحيح المشهد وتصويب المسار. الأردن بوضع من السوء لا يحسد عليه وسيزداد سوءا بحال ترك للرويبضة والبرامكة والمارقين والنفعيين. إن غدا لناظره قريب.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.