كمال زكارنة
هل استطاع الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب، تجاوز عقدة المنشار “نتنياهو” ،الرابض في طريق مفاوضات صفقة التبادل ووقف الحرب على غزة؟
تفيد المعلومات التي تسربت حول المكالمة الهاتفية الاخيرة بين ترامب ونتنياهو،بأن الرئيس الامريكي اكد على الاخير ضرورة وقف الحرب على غزة بأسرع وقت،رغم ان نتنياهو حاول ان ينقل صورة مغايرة،وكعادته اشاع بأن الاتصال كان وديا ،وانه حصل على ما يريد من ترامب.
صجيج ان المفازضات وصلت الى مراحل متقدمة ،وقد تكون نهاية الشهر الحالي ختام هذه المفاوضات بالتوصل الى اعلان اتفاق وقف مؤقت لاطلاق النار وتبادل محدود للاسرى ،وهناك مؤشرات قوبة على ان الصفقة باتت وشيكة والاتفاق على الطاولة.
الاسرائليون بجميع اطيافهم تقريبا ،يطالبون بالتوصل الى اتفاق حول الصفقة مهما كان الثمن،الا نتنياهو الذي يسعى بكل قوة لافشال الاتفاق ومنع التوصل اليه ،وزرع كل الطرق التي يمكن ان تؤدي الى اتفاق بالالغام والمتفجرات.
المقاومة الفلسطينية من جانبها تبدي مرونة جيدة مع الوسطاء من اجل وقف الحرب وتبادل الاسرى بشكل واقعي وحقيقي وجدي.
كل اخبار التفاؤل والامل بالتوصل الى اتفاق تصدر عن المسؤولين الاسرائيليين ووسائل الاعلام الاسرائيلية ،وآخر هذه الاخبار ان وفدا اسرائيليا وصل الدوحة مع تفويض وصلاحيات محدودة ،لبحث تفاصيل متعلقة بالاتفاق ،وان النقطة الرئيسية الوحيدة المتبقية هي اعداد الاسرى الذين سيطلق سراحهم في المرحلة الاولى من الاتفاق.
ويسعى نتنياهو الى زيادة اعدادهم ، وخاصة الاحياء منهم ،وهذه ذريعة نتنياهو التي تهدف الى افشال الاتفاق او تأجيله الى ابعد مدى ممكن،من اجل تمكين جيش الاحتلال من تدمير ما تبقى من بنى تحتية في قطاع غزة ،وقتل اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ،واتاحة المجال والوقت للحركات الاستيطانية المتطرفة المباشرة بالاستيطان في قطاع غزة، وقد بدأت بالفعل احدى هذه الحركات بالعمل من اجل البناء الاستيطاني في القطاع،وهي حركة نحالا الاستيطانية.
“نحالا هي حركة استيطانية أسسها الحاخام اليهودي موشي لفينجر ودانيلا فايس عام 2005 .وهما من قادة منظمة غوش ايمونيم (كتلة الايمان)، تهدف الحركة الى استيطان ما تبقى من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة من خلال الدعوة للاستيطان وإقامة البؤر الاستيطانية والمنشات العامة وتنظيم المسيرات.تعتبر نحالا استمرارا لمنظمة غوش ايمونيم. في بداية عملها تألفت الحركة من حركتين: “الموالون لأرض إسرائيل” و”شباب من أجل أرض إسرائيل”، وبعد بضع سنوات تقرر اسم “حركة نحالا للاستيطان”. يتركز نشاط الحركة بشكل أساسي في أراضي الضفة الغربية وغزة وعلى نحو أقل في الجليل.
امام الضغط الداخلي المتصاعد في الشارع الاسرائيلي ،والضغط الاكثر اهمية من الادارة الامريكية الجديدة ، وخاصة الرئيس ترامب ،الذي امر نتنياهو بضرورة اغلاق ملف الحرب على غزة قبل العشرين من الشهر المقبل،فان نتنياهو يقود الان مفاوضات صفقة التبادل ،ضمن سياسة حافة الهاوية ،وهو اسلوب تفاوضي يقوم على المغامرة والرهان ،وهو
اخطر الاساليب التفاوضة واكثرها صعوبة وتعقيدا ،لان احتمال نسف المفاوضات برمتها وارد جدا ،وتعريض حياة الاسرى الاسرائيليين لخطر حقيقي يهدد حياتهم بشكل مباشر وكبير جدا،في هذه الحالة من الفاوضات.
نجاح نتنياهو بدفع المفاوضات الى ما بعد الشهر المقبل ،وتأخيرها ومنع التوصل لاتفاق قبل نهاية العام الحالي ،يعني البدء بالاعمال الاستيطانية في قطاع غزة وخاصة شمالي القطاع،وفرض واقعا احتلاليا حقيقيا على القطاع ،والعودة الى المربع الاول من الصراع ومواصلة العمل المقاوم ،واستبعاد الحلول السياسية والتفاوضية تماما.
الاسبوعان الاخيران من هذا العام ، يمثلان الفرصة الاخيرة للتوصل الى الاتفاق المنشود،علما بأن العالم اجمع على قناعة تامة ،بأن لا اتفاق بوجود نتنياهو ،او على الاقل برضاه،فاما ازاحته من المشهد السياسي الاسرائيلي ،او ارغامه على الموافقة على الاتفاق،والامر معلق بيد ترامب.