د عماد الزغول
مع انتهاء عام 2024، نقف عند لحظة محاسبة ذاتية عميقة، نسميها “ساعة الجرد الصعب”. في هذه الساعة، نحاول أن نضع أمامنا ميزانًا دقيقًا لما أنجزناه من آمال وطموحات، وما علينا من مسؤوليات لم نؤدها كما ينبغي. هي ساعة تقف فيها النفس وجهاً لوجه أمام المرآة، بلا تزييف أو أعذار.
في هذا العام، قد نكون حققنا الكثير من الطموحات على مختلف الأصعدة على النستوى الافراد والدول. هناك إنجازات علمية، واختراقات تقنية اعادتنا لدائرة الاخفاق في ان نمون صانعين لتقنية تحمي امننا، و هناك مسارات اجتماعية بدأت تتشكل على أسس جديدة. كان هناك شباب وشابات حملوا شعلة التغيير في ميادين عدة، سواء في التعليم، أو العمل الإنساني، أو البيئة. ورغم صعوبة التحديات الاقتصادية والسياسية، كانت هناك مبادرات تبعث الأمل في النفوس، وتشير إلى أن التغيير ممكن إذا ما اجتمعنا على أهداف واضحة.
لكننا في ذات الوقت نقف أمام سلسلة من المسؤوليات التي أخلّينا بها، وأبرزها مسؤوليتنا تجاه الإنسان، بداية من أنفسنا، مرورًا بمحيطنا القريب، وانتهاءً بالبشرية جمعاء.
إننا نعيش في عالم متشابك، حيث لم يعد من الممكن أن نتجاهل معاناة الآخرين، خاصة عندما يكونون جيرانًا لنا، أهلًا لنا، كأرواح غزة التي أزهقت ظلماً وعدوانًا. في هذا العام، رأينا أطفالًا تموت من القصف والجوع، ونساءً عاجزات عن حماية أطفالهن، وشعبًا يقاتل من أجل أبسط مقومات الحياة، لكنه مسلح بإيمان عميق بأن العدل لا يمكن أن يتجسد في أرض الظالمين.
والزاوية الحرجة في الجرد تكمن في حساب المسؤولية تجاه الانسان في غزة، تلك البقعة التي أصبحت رمزًا للمأساة الإنسانية، هو الحساب الأكثر اختناقًا. هل قمنا بما يكفي لدعمهم؟ هل استخدمنا أصواتنا، أقلامنا، وقلوبنا كما ينبغي؟ الإجابة عن هذه الأسئلة قد لا تكون مريحة.
قد نشعر بالخسارة ونحن نقيم العام. قد نرى أن ما فاتنا أكبر مما أنجزناه. لكن الأهم هو أن لا نغرق في الشعور بالعجز. فما مضى لا يمكن تغييره، لكن ما سيأتي هو فرصتنا للتعويض. علينا أن نتعلم من دروس هذا العام، وأن ندرك أن المسؤولية تبدأ من كل فرد فينا، من دائرة “الأنا” إلى دائرة ال “نحن”.
وختامًا اقول ان ساعة الجرد الصعب ليست للحساب فقط، بل للاستدراك و للتخطيط لما هو قادم. علينا أن نعد أنفسنا لعام جديد، يحمل معه أملًا بالعمل، ومسؤولية أكبر تجاه كرامة الإنسان، وحقه في العيش الآمن أياً كان موقعه أو ظروفه.