د.ابراهيم النقرش
في مشهدٍ بطولي يُسطّره التاريخ بِمدادٍ من نورٍ وأحرفٍ من ذهب، انتصرت غزة هاشم، غزة الصامدة المقاوِمة. صمدت أمام أعتى جيوش العالم وأسلحته ومعاونيه ومؤامريه وسفلته، ولم تنحنِ لرياح الظلم والعدوان. اليوم، ونحن نعيش يوم الكرامة العربية والإسلامية، ونشهد النصر المبين لمقاومة غزة العزة، نقف ويقف معنا أحرار العالم بإجلال وتعظيم أمام هذا الصمود والثبات، الذي أسنده المدد الإلهي، وألهم الأمة بأكملها، وأعاد لها كرامتها وحريتها المسلوبة.
لقد أثبتم يا مقاومة غزة ونسائها وأشبالها، أن إرادة الأحرار لا تُكسر، والمقاومة الشريفة لا تُقهر، وأن الإيمان بالحق أقوى من الصهيوني الغاشم، ومن أسلحة وجيوش الظلم والطغاة والمتآمرين.
نعم، على مدى سنينٍ وسنينٍ قحطٍ عجاف، تحمّلتم ما تنوء به الأمم ذات القوة، ولا يتحمله أحد… حصار، عدوان، قصف، قتل وجراح، تدمير وتهويل… إلا أنكم لم تنحنوا يومًا، ولم تيئسوا أو تملّوا، فأبيتم إلا أن تكونوا صخرة تُحطّم عليها أسطورة العدو الذي لا يُقهر (الذي زرعه في عقولنا الإعلام العربي العاجز عن قول الحقيقة والموجّه من الأنظمة المتخاذلة). فكنتم شوكة في حلق المتخاذل المتآمر، وكنتم رمز الكرامة التي لا تموت، وكنتم رمز البطولة والتضحية بشرفٍ وفداء. فجعلتم من غزة مدرسةً عسكريةً وسياسيةً وإداريةً واقتصاديةً وثقافيةً مرتبطةً بوحي السماء، بالصبر والعزيمة والإصرار. لقد كنتم مدرسةً يتعلم منها الأحرار في كل مكان.
نُبارك لكم النصر… لغزة العزة… لفلسطين… بل هو نصرٌ لكل من يؤمن بالعدالة والكرامة والحق من أحرار العالم.
لقد أثبتم بجَلَدِكم وجِدّكم للعالم بأسره أن الاحتلال الصهيوني، مهما امتلك من قوة عسكرية ودعم دولي وعملاء، سيبقى ضعيفًا هشًا صغيرًا أمام عزيمة ومقاومة أبطال غزة.
يا أهل غزة وشعبها، لقد كنتم علمًا ورمزًا للعزة والكرامة… وبدمائكم وبطولاتكم أعدتم لأمتنا كرامتها وهيبتها التي دِيست بأقدام العدو وعملائه.
نسأل الله العظيم أن يتقبل شهداءكم، ويشفي جرحاكم، ويجبر كسركم وخاطركم، ويثبّت أقدامكم، ويجعل هذا النصر فتحًا قريبًا لكامل الأرض المحتلة. فأنتم أهل غزة العزّ والكرامة، والله لا يضيع من اعتصم بحبله وتمسّك بأمره… والكل من حولكم معكم قلبًا وقالبًا، وفي باطن الغيب ندعو الله بحفظكم وأن يرفع البلاء عنكم.
يا أهلنا في غزة… (الفئة المنصورة)، يا أمهات الشهداء وآبائهم وأزواجهم وزوجاتهم، يا شبابها وشيبها… اليوم نتعلم والعالم من حولكم معنى العزة والشهادة والصبر والإباء من مدرستكم الخالدة في القلوب والضمائر. لقد رفعتم رؤوسنا عاليًا بعد تنكيسها، ونفختم في ضمير العالم الروح والحياة بعد موتها، وذكرتمونا بأن الحقوق تُنزع ولا تُستجدى ولا تُوهب، وأن الحرية تُنال باليد المضرجة بالدماء. فأنتم نور الأمة ونارها التي لا تنطفئ، وأنتم الشعلة والأيقونة التي ستبقى هُدانا على الطريق للنصر الأكبر… آمين بحول ربّ العالمين.