لقاء الملك مع ترامب.. أوراق قوية وضاغطة لمواجهة التهجير
كتب: ينال نواف البرماوي
ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الأردن معضلة بحجم مخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والكيان الأسرائيلي لتهجير أبناء قطاع غزة الى الأردن ومصر وبلدان أخرى، فمشروع صفقة القرن غير بعيد عنا والذي تم احباطه وافشاله بجهد أردني بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني.
كما تصدى الأردن بحزم لكافة المحاولات والمؤامرات التي استهدفت تقويض أمنه واستقراره وزجه فيما سمي بالربيع العربي واغراقه بالفوضى والمخدرات وتجارة السلاح والتهريب من دول مجاورة ولم يدخر المتربصون أي فرصة أو اختلاق الدوافع لمهاجمة المملكة ومحاولات متكررة لاثارة الشارع والفتن بين أبنائه الذين ما زالوا متيقظين لما يحاك ببلدهم بخاصة المساعي المتكررة من قبل الكيان المحتل وداعميه لتصفية القضية الفلسطينية تارة بين «أهزوجة» الوطن البديل وأخرى «هوس التهجير القسري».
الجمعة الماضية رسمت الموقف الأردني الشعبي والرسمي بكافة تفاصيله وطرزه الأردنيون على الأرض بتظاهرات جماهيرية عمت كافة المحافظات وبصوت واحد «لا للتهجير» وليس أدل على ذلك من الالتفاف حول جلالة الملك ومساندته في جهوده الدؤوبة للدفاع عن القضية الفلسطينية ورفض محاولات تهجير الأشقاء الفلسطينيين وتثبيتهم في أرضهم والدفاع عن كل شبر من تراب الأردن.
وفيما يكثف الملك جهوده الدبلوماسية واتصالاته مع قادة العالم والأمم المتحدة لاحباط محاولات التهجير ترتفع وتير صلابة الموقف الوطني لكافة الأردنيين في المدن والقرى والبوادي والمخيمات في أقوى رسالة لترامب والعالم أجمع بأن الأردن لن يقبل أيا كانت الضغوطات بتصفية القضية الفلسطينية وأن كل الشعب في خندق الدفاع عن الوطن.
وقد رأينا حجم اللقاءات والاتصالات التي أجراها جلالة الملك مع قادة عرب وأجانب والأمم المتحدة ومنظمات دولية في زمن قياسي ما شكل رأيا عالميا غير مسبوق برفض مخططات ترامب التي هي بمثابة تسديد فواتير لليهود الذين ساندوه ودعموا حملته الانتخابية ومن زاوية المصالح الخاصة بالولايات المتحدة في المنطقة اقتصاديا وعسكريا.
جلالة الملك سيلتقى ترامب الثلاثاء المقبل حسب المقرر وفي يده العديد من الأوراق الضاغطة والقوية لايقاف تلك المخططات وثني الادارة الأمريكية الجديدة عن توجهاتها ومطالبها بشأن تهجير أبناء قطاع غزة الى الأردن ومصر وبلدان أخرى.
الملك خبير في التعامل مع الادارة الأمريكية منذ تسلمه سلطاته الدستورية والتي تراوحت بين الجمهوريين والديمقراطيين ويعرف مواطن القوة وتوظيفها لخدمة أهداف السياسة العربية بشكل عام والأردنية بشكل خاص. وتستند أيضا الى علاقات قوية بناها وحرص على ادامتها جلالته مع الكونغرس الأمريكي ومؤسسات مجتمع مدني أمريكية فاعلة ومؤثرة في سياسة بلادها الخارجية، وفي مثل هذه الظروف تبرز الحاجة الى دعمها لمواقف الأردن ومطالبه، مثلما هي صداقات الأردن الدولية وحضوره الفاعل في كافة المحافل.
كما أن الملك يمتلك قدرة فائقة على الخطاب السياسي والاقناعي وربطه بالواقع وهو الأكثر تعبيرا وتأثيرا لدى الحديث عن القضية الفلسطينية وتوصيفها وتشكيل موقف دولي داعم لها ويحمل هذا الملف ويتصدر أجندة أعماله الدولية ولقاءاته مع قادة وزعماء العالم.
الملك أعلن مباشرة موقف الأردن من تهجير الفلسطينيين بشكل قاطع سواء من غزة أو في الضفة الغربية وساهم بشكل كبير في تشكيل رأي عالمي ضاغط للتصدي لتوجهات ترامب الذي بدا في حالة تراجع تدريجية عن مطالبه بترحيل الغزيين الى الأردن ومصر بتصريحات مختلفة.
لقاء الملك المرتقب مع ترامب يأتي في ظل حالة غليان عربي رسمي وشعبي رفضا للتهجير ويتوقع أن تشهد كثير من العواصم والمدن في العالم احتجاجات واسعة على ذلك.. وما حدث في الأردن الجمعة الماضية سيتمدد الى الخارج اذا لم تتراجع الادارة الأمريكية عن قراراتها بهذا الشأن. كما أن الملك يعبر عن موقف، ليس الأردن فقط، وانما عن الموقف الموحد للدول العربية وتكلل ذلك بحجم الاتصالات المؤيدة لجلالته والدعمة للمملكة من قادة ومسؤولين عرب وأجانب ما يعد تفويضا لنقل الرفض العربي والعالمي بأكمله لادارة ترامب والتأكيد على حل الدولتين.
الأردن يسانده موقف عربي داعم وحازم، وأبرزه الموقف السعودي المتقدم ومواقف مصر وفلسطين والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعُمان، والتي بدون دعمها ستكون الأمور صعبة على الأردن والمنطقة.
الأشقاء أبناء قطاع غزة جسدوا أقوى ارتباط في التاريخ بأرضهم رغم العدوان الوحشي وعشرات الآف الشهداء والمفقودين والجرحى وتدمير منازلهم والبنى التحتية بنسبة تزيد عن 90 % ومعاناتهم الانسانية غير المسبوقة ورفضهم التهجير اطلاقا يجعل العالم أكثر تعاطفا معهم وزيادة الضغوطات على ترامب للتراجع عن هوسه باحتلال القطاع وتفريغه من أهله.
وقد بدأت تظهر في الولايات المتحدة أصواتا معارضة لقرارات ترامب وادارته بخاصة احتلال قطاع غزة وتهجير أبنائه، اضافة الى الانتقادات لتصريحاته بشأن المتعلقة بحربه الاقتصادية مع الصين والمكسيك وكندا وغيرها ومحاولة تسريح موظفي وكالة الاستخبارات الأمريكية وقبلها الغاء الوكالة الأمريكية للانماء الدولي ما سيضطر ادارته للاستدارة للداخل ومعالجة القضايا التي قد تفجر الوضع في الولايات المتحدة مع ارتفاعات متسارعة على الأسعار وارتفاع البطالة وغيرها وعدم تعزيز الرعاية الصحية.
معظم قرارات ترامب ومنها تهجير أبناء قطاع غزة لا شك أنها تحدث ارباكا على المستوى الدولي ولكن سرعان ما سيتراجع عنها تدريجيا لانها متسرعة وغير مدروسة