فسر الدكتور وليد السرحان ظاهرة “التلعثم” وكيفية حدوثها وتطورها عند الأطفال.
وقال السرحان إن الأطفال يبدأون بالكلام منذ السنة الأولى، وتتبلور لغتهم سنة بعد أخرى حتى تكتمل في عمر الثلاث سنوات إلى حد كبير، إلا أن بعض الأطفال قد يتأخر في الكلام دون وجود مشكلة حتى سن الخامسة.
وأضاف السرحان أن من المشاكل التي تظهر في السنوات الأولى لعمر الطفل مشكلة التلعثم أو التأتأة وهذه مشكلة تبدو واضحة بين سن ثلاثة إلى خمسة، حيث يلاحظ أن الطفل يكون منفعلاً أثناء كلامه مما يجعله يقطع في الكلمات أو يشد على بعض الحروف دون داعي ويصبح نطقه غير سليم، والنسبة الكبرى من الأطفال قد تكون انتهت من هذه المشكلة في سن الخامسة عند الالتحاق بالمدارس، أما النسبة الأقل فهي التي تستمر سنة بعد أخرى، فما هو التصرف السليم إتجاه هؤلاء الأطفال.
وتابع يقول: “بداية يفضل أن لا نعير الموضوع أي اهتمام أو نظهر انفعالا أو اكتراثا بحيث يؤدي هذا إلى توتر الطفل، وقد يتكرر التلعثم عدة شهور وينتهي تلقائياً، ومن الخطأ الشائع أن يصيح الآباء على الأطفال ويطلبوا منهم أن يتكلموا بشكل صحيح مما يزيد من توترهم وخوفهم وتلعثمهم وهذا يعني انتقادات أكثر وقد يضحك عليهم أقرانهم وإخوانهم ويسخروا من أسلوبهم ويقلدوهم مما يزرع في نفسهم الخوف والرهبة من الحديث أمام الناس، تجد إن الطفل قادر على الحديث كما شاء في غرفة مغلقة ولكنه لا يستطيع أن يقول جملة واحدة أمام أهله أو أصدقائه”.
وأضاف: “مع استمرار الطفل في سنوات الدراسة قد يكون هناك تفهماً وإيجابية في التعامل من قبل مدرسيه بحيث يتخلص بعض الأطفال من تلعثمهم في السنوات الأولى للمدرسة إلا أن هناك من يستمر في التلعثم حتى بعد إنهاء المدرسة والجامعة. وعادة ما يكون التلعثم شديداً أمام جمهور من الناس وخصوصاً إذا كانوا من الجنس الأخر، أو إذا كان الإنسان متوتراً منفعلاً غاضباً مرهقاً”.
أضاف: “هناك ظواهر قد تبدو غريبة إذ أن بإمكان بعض المتلعثمين أن يقرؤوا القران الكريم أو يغنوا دون تلعثم، ولكنهم إذا تكلموا في حديث عادي تقطع كلامهم وشددوا على الحروف وظهر عليهم التلعثم، ويرافق التلعثم في كثير من الأحيان خوف وارتباك واحمرار في الوجه ورعشه في اليدين ، وقد يتجاوز المريض التلعثم ويصاب بالرهاب الاجتماعي وأعراضه الكثيرة، من مظاهر جسدية وخجل وفقدان التركيز وانخفاض المعنويات . كل هذا يقود المتلعثم إلى تجنب المواقف والسكوت والابتعاد وتتسع الدائرة ويصبح تدريجياً الحرج والتلعثم يشمل كل المواقف حتى البسيطة والسهلة منها، ونجد في الكثير من الحالات أن العائلة والمدرسة تساعد على هذا الاتجاه. فإذا سألت الطفل عن اسمه أو عمره بادر والده في الإجابة عنه حتى لا يحرجه وإذا قام المدرس بالطلب من التلاميذ إن يقرؤوا أو يتكلموا أعفى الطالب المتلعثم من هذه المهمة كبادرة إنسانية وتعاطف مع وضعه، مع أن هذا كله خطأ لأننا نكرس هذا العيب ونبقيه ونؤكد على الخوف كلما أعفينا الطفل من أداء المهام التي تؤدي إلى ارتباكه”.