أحمد ذيبان
عقدت مؤتمرات دولية عديدة تحت عنوان” إعادة الإعمار” ، تتعلق بالخراب والدمار الهائل الذي لحق بدول عربية ، نتيجة حروب أهلية أو غزو خارجي أو بسبب الحروب والاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على بعض الأقطار العربية ، والأن نحن أمام استحقاقات ملحة ومستعجلة ، لإعادة إعمار دول ومناطق عربية أهمها قطاع غزة وسوريا ولبنان ، بالاضافة الى السودان وليبيا واليمن ، التي تشهد حروابا أهلية طاحنة بين قوى ومليشيات متعددة مدعومة من أطراف خارجية !
وربما الأكثر صعوبة من إعادة إعمار البيوت والمرافق التي دمرت ، هو بناء الانسان الذي تعرض خلال فترة الحرب ، الى عمليات تحطيم نفسي وجسدي وتهجير ونزوح قسري ، وما نتج عن ذلك من كوارث انسانية واجتماعية !
التقديرات الأولية لإعادة إعمار غزة وسوريا ولبنان تزيد عن 550 مليار دولار ، وهذا مبلغ هائل ليس من السهل الحصول عليه ، وبطبيعة الحال سيكون مصدر هذه المبالغ مساعدات ومنح خارجية ، ستكون أولا عربية وخاصة من دول الخليج ، بالاضافة الى قروض ومنح دولية تقدمها صناديق ودول أجنبية .
ومن المهم الاشارة الى أمر جوهري بشأن تقديم هذه المساعدات والمنح والقروض ، ذلك أنها ستكون مشروطة فالدول ليست جمعيات خيرية ،ويمكن التذكير بفترة أعقبت حرب حزيران عام 1967 ، حيث كانت بعض الدول العربية النفطية ، تقدم مساعدات مالية تحت عنوان دعم الصمود ، لدول الطوق العربية المحيطة بدولة الاحتلال العربية ، لكن هذا النمط من المساعدات لم يعد متاحا اليوم ، فثمة شروط يفرضها من يساعد في إعادة الإعمار !
وبشأن المساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة ، ثمة متطلبات وشروط تتعلق بمستقبل القطاع أو ما يسمى باليوم التالي للحرب على القطاع ومستقبل سلاح المقاومة ، وهذه الشروط تضعها الدول المانحة ، خاصة وأن القطاع تعرض لحروب عديدة منذ عام 2008 ، وتم إعادة إعماره أكثر من مرة ، لكن ليس بحجم الدمار الهائل الذي تعرض له خلال الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر – تشرين الأول 2023 ، ولا تزال تداعياتها متواصلة حتى الآن، والأسوأ من ذلك أن من يمسك بعصب عملية إعادة الإعمار ، هو اسرائيل التي دمرت القطاع والولايات المتحدة الاميركية ، الداعم الرئيس لدولة الاحتلال بل والشريك في الحرب !
وبالنسبة للبنان ثمة شروط ربما تكون أصعب وأكثر تعقيدا ، للحصول على مساعدات إعادة الإعمار تضاف الى تعقيدات المشهد اللبناني، الذي يعاني من انقسامات داخلية ذات طابع طائفي وسياسي ، وهذه الشروط تتعلق بنزع سلاح حزب الله ، والقيام باصلاحات سياسية جوهرية ، بعد سنوات طويلة من غياب مؤسسات وأدوات الدولة الحقيقية ، والأن أصبح لبنان رهينة ل”وصاية خارجية ” بعد توقيع اتفاق وقف اطلاق النار ، من قبل حزب الله بوساطة رئيس مجلس النواب نبيه بري ، حيث خضع لبنان بعد الحرب المدمرة التي تعرض لها ، الى رقابة دقيقة من قبل لجنة عسكرية ، يترأسها جنرال اميركي ويساعده ضابط فرنسي ، وهي معنية بوضع آليات تطبيق القرار رقم 1701 ، وأهمها نزع سلاح حزب الله ، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ، وتفسير ماذا يعني القرار المشار اليه ، هل يشمل جنوب الليطاني أم أيضا شمال الليطاني !
أما سوريا فان شروط إعادة الإعمار لا تقل صعوبة ، فهي أولا تخضع لعقوبات دولية قاسية ، فرضت على النظام السابق لكنها لا تزال موجودة ، وتنعكس سلبا على حياة الشعب السوري ، ومن بين الشروط المعقدة للمساعدة في إعادة الإعمار ، التدخل الخارجي في الحياة السياسية لسوريا الجديدة ، وكيفية ادارة شؤون البلاد وتشكيل حكومة تشمل مختلف مكونات الشعب السوري العرقية والطائفية ، و” شماعة الأقليات ” التي تزعم دول الغرب الحرص عليها !
ومن المهم توفير بيئة مناسبة لاستقطاب الاستثمارات الخارجية ، في لبنان وسوريا وقطاع غزة ، وأهم عناصر هذه البيئة الاستقرار السياسي والأمني . Theban100@gmail.com
رابط المقال