“حداد و مجاهد” يستعرضان مشاكل قطاع النقل العام في الأردن
قال وزير النقل السابق رئيس الاتحاد العربي للنقل البري مالك حداد مدير عام شركة جت للنقل أن ابرز التحديات التي تواجه قطاع النقل في الأردن هي قضية التملك الفردي لوسائط النقل العام من قبل الأفراد من جانب وقضايا التامين على الحافلات وعمرها التشغيلي من جانب آخر ، موضحا ان هذه المشكلات هي العائق الأبرز أمام جلب الاستثمارات في قطاع النقل ، داعياً إلى ضرورة دمج هذه الملكيات ضمن إطار شركات متخصصة في النقل وتنظيم عملها أو تأسيس شركات مساهمة عامة ليتمكن أصحابها من الاستفادة من الامتيازات الحكومية التي تمنح في هذا الجانب .
وبين حداد خلال حديث في برنامج عين على الحدث عبر شاشة الأردن اليوم أن هنالك جهد واضح لمعالجة الاختلالات في بعض الطرق في الأردن إلا أن هناك ضعف في المراقبة على بعضها خاصة الطريق الصحراوي فيما يخص الحمولات المحورية وهذا ما ينعكس سلبياً على عمر الطريق وسلامته من جهة و دور الجهات التي تراقب سلامة المركبات وصلاحيتها من جهة أخرى مشيراً إلى أن عدم انتظام الصيانة وضعف التمويل هي من التحديات التي تواجه الوزارات المعنية في معالجة هذه الاختلالات التي تلحق أضرار مادية وجسدية بعدد كبير من مرتادي الطرق.
ودعا حداد إلى تشكيل مجلس أعلى للسلامة المرورية يضم لجان متخصص وعملية من كافة الوزارات تكون مهمته الإشراف على الطرق وقطاع النقل والسيطرة على الحمولات ، وإقرار برامج تدريب السائقين بالتعاون مع الجهات الدولية مشيرا إلى أن الحكومة خصصت 10 دونمات لتأسيس مركز تدريبي لسائقي الشاحنات والحافلات الكبرى .
وبخصوص ميزان السرعات على الطرق قال حداد انه يجب الوصول إلى المعايير الدولية في هذا الصدد على الطرق الخارجية والداخلية ، موكداً أن السائق يواجه حالة من الارتباط خاصة في ظل ميزان السرعات المتفاوتة على الطرقات وهو ما يسهم في وقوع الحوادث ويجب أن يتم تحديد النقاط الساخنة على الطرقات ووضع العلامات الإرشادية لسالكي هذه الطرق للحيلولة دون وقوع الحوادث المتكررة خاصة في ظل وجود دراسات علمية تؤكد ان انسيابية بعض الطرق واليات بناءها هي احد ابرز أسباب وقوع هذه الحوادث.
وحول حادث الطريق الصحراوي الذي راح ضحيته عدد من المواطنين اثر اصطدام شاحنة بإحدى الحافلات التابعة للشركة ، بين حداد أن التحقيقات المرورية أثبتت خطاً سائق الشاحنة وانحرافه عن المسرب المخصص باتجاه المسرب المقابل والذي جاء نتيجة استخدام عجلات غير صالحة للاستخدام مما تسبب بوقوع مجزرة مرورية ، و أعرب حداد عن عميق حزنه لما نتج عن هذا الحادث متسائلاً من هو المسؤول عن وجود شاحنة غير مرخصة وتعمل على طريق دولي وهي تفتقر إلى الصلاحية المطلوبة للاستخدام على مثل هذه الطرقات .
وبين حداد أن شركة جت لنقل الركاب تقل نحو 900 ألف راكب سنويا على خط العقبة – عمان وهو ما فرض عليها الاهتمام بجودة الخدمات المقدمة لزبائنها من جهة والحفاظ على الحافلات وصيانتها بشكل مستمر من جهة أخرى ، موضحا أن شركة جت امتازت بإيجاد نظام تفقد للحافلات العاملة ضمن أسطولها يضمن 17 نقطة فنية وميكانيكية يومياً قبل الانطلاق في أي رحلة داخلية أو خارجية من خلال مركز المتابعة والعمليات المختص الذي أوجدته الشركة ، وهو ما انعكس إيجاباً على سلامة هذه الحافلات وعملها . وأوضح حداد أن شركة جت تتكبد نحو 120 ألف دينار سنويا بدل تكاليف تبديل زجاج لحافلاتها بسبب “الرج” على الطريق الصحراوي ، فيما تدفع الشركة نحو 600 ألف ضريبة نقل عدا عن رسوم ترخيص الحافلات والتامين عليها تطبيقاً للقانون وهو ما يفتقر له الحال عند بعض أصحاب الملكيات الفردية الساعين إلى تحقيق أعلى مستوى من الأرباح على حساب حافلاتهم وصيانتها وعمرها التشغيلي ، إضافة إلى إيجاد مبادرة في ظل حوادث السير والأزمات بإلزام سائقي الحافلات في شركة جت بعدم السير بسرعة تزيد عن 90 كم على الطرق الخارجية.
ودعا حداد إلى ضرورة إعادة النظر في التشريعات وإشراك القطاع الخاص في حل مشكلات الطرق وتوكيل شركات خاصة لتنظيم استخدام الطرق السريعة ودفع بدل استخدامها لسالكيها من الإفراد والشركات ، مع توفير طرق مجانية بديلة للمواطنين ، وإيجاد مراكز صحية وإسعافات على مثل هذه الطرق للإسهام في تقديم الخدمات العلاجية والطبية للمصابين في الحوادث بأقل وقت لحين نقلهم إلى المستشفيات البعيدة ، إضافة إلى منح التسهيلات والامتيازات للراغبين في الاستثمار في قطاع النقل وتوجيه المستثمرين إلى أهمية المشاركة في إدارة البنية التحتية للطريق والاستفادة من تجارب الدول التي نجحت في إحلال هذه الآليات لاستخدام الطرق الخارجية وإيجاد الحلول المرورية عليها حيث أصبحت تمتلك أفضل أساطيل للنقل في العالم .
من جانبه قال خبير الطرق والمرور المهندس جميل مجاهد أن الطرق عبارة عن ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها ، مشيراً الى أن الطرق تعاني من مشكلات متعددة تتمثل في بداية بناء هذه الطرق وطرح العطاءات لتنفيذها ، حيث تمنح الحكومة عطاءات فتح الطرق الأولوية ، بعيداً عن الاهتمام في جودة بناءها وأثاثها وهو ما يقاس على بقية المشاريع الحكومية المتعثرة والتي تواجه في الغالب مشكلات في البناء او التصميم بسبب اعتماد الية احالة العطاء على بند السعر الأقل للتنفيذ وليس الجودة الأفضل والمواصفات الأعلى.
وبين مجاهد أن الأردن يعاني من حالة النقص في إدامة وصيانة الطرق في مختلف مناطق المملكة ، مشيرا إلى أن ضرورة وجود إستراتيجية وطنية للنقل العام باعتباره من ابرز الأولويات لتحسين واقع القطاع وحل المشكلات التي تواجه النقل العام . داعياً إلى مواجهة حقيقة لهذه المشكلات بدءاً من الازدحام المروري وواقع الطرق في ظل تزايد أعداد المركبات الخاصة وعدم وجود نظام نقل عام واضح في المملكة ، والذي من الممكن في حال وجوده ضمن معالم واضحة تلبي احتباجات المواطنين وتخدم تنقلاته مما سينعكس إيجاباً نحو ازدياد إقبال المواطنين على استخدام وسائط النقل العام بدلاً من التنقل في المركبات الخاصة.
ولفت مجاهد الى أهمية إيجاد جهة أو مجلس أعلى للسلامة المرورية في الأردن يسهم في التحقيق بحوادث السير الخطرة ودراسة أسبابها والتعمق في تحليل مشكلات النقل بشكل علمي ومدروس ، وزيادة التنسيق بين الجهات الحكومية تحت مظلته ووضع برنامج وإستراتيجية وطنية تحمل في طياتها كافة عناصر الطرق بدءاً من الرقابة والتشريع وصولا إلى آليات استخدام الطريق مرورا بكافة مشكلات النقل العام سيكون من أنجح الحلول بدلاً من نهج ترحيل الازمات ، داعياً الى ضرورة إشراك ممثلين عن القطاع الخاص وخبراء ومختصين في عمل هذه الجهة لضمان تحقيق أفضل النتائج الملموسة ، وإيجاد ذراع تنفيذي لهذه الجهة لمتابعة العمل وتطبيق السياسات على ارض الواقع وليس من خلف المكاتب .
وانتقد مجاهد سياسة ترحيل الازمات وتاجيل اتخاذ القرارات حول القطاع العام وانفراد الحكومة في اتخاذ القرارات الهامة حول النقل العام ، معتباراً أن النقل وسلامته من أهم الأولويات الوطنية ولابد من العمل على ايجاد حلول جذرية وبرامج وطنية تنهض بقطاع النقل والاستثمار فيه وهو ما يتطلب وجود إرادة سياسية وخطوات عملية مدروسة . يشار الى ان الأردن يحتل المرتبة الثالثة عربياً ويقع ضمن مصاف اسوء 20 دولة في العالم في حوادث السير ، حيث تحُصد أرواح قرابة 700 شخص سنوياً فيما يصاب قرابة 14.790 شخص جراء حوادث السير في حين يتكبد الأردن خسائر تصل إلى 300 مليون دينار سنوياً .