بلال حسن التل يكتب :
يشيع بعض أفراد وخطباء الحركة الاسلامية واشياعها، ومعهم بعض الذين يصنفون انفسهم بالمعارضة، ان لدى الحكومة الاردنية مجموعة كتاب تدخل سريع، يصفونهم احيانا بالسحيجة، واخرى بأصحاب الأقلام الصفراء، وثالثة بالابواق، وعندي ان هذه تهمة باطلة، وان الحكومات الاردنية المتعاقبة قصرت في ان تمد لها جسورا ثابته مع كتاب وصحفيين، يكونون جيشها في نقل مواقفها وشرحها والدفاع عنها وبناء القناعات حولها،بإستثناء فترة وجود المرحوم عدنان ابو عودة على رأس وزارة الاعلام، حيث كان يحرص رحمه الله على عقد لقاء أسبوعي مع رؤساء تحرير الصحف وعدد من الكتاب ليضعهم بصورة اخر التطورات المحلية والاقليمية والدولية، ويحاورهم حولها، مما كان يشكل رافدا معلوماتيا كبيرا للكتاب والصحفيين يعينهم على اتخاذ الموقف الذي يريده كل منهم دون اكراه.
كثر من ذلك فقد أطلقت شخصيا في فترة من الفترات الدعوة لتشكيل كتائب الإعلام الأردني، وسعيت عندما كنت مديرا عاما لدائرة المطبوعات والنشر لتنفيذ الفكرة، من خلال مد الجسور مع عدد من الكتاب المحترمين أصحاب الرأي والموقف والصحفيين المهنين، ليكونوا الى جانب الدولة، من خلال القيام بمدهم بمعلومات صحيحة وموثقة وترك الحرية لهم في طريقة التعامل معها وتقديمها للناس. وهو اسلوب ليس مستهجنا ولا محرما، تلجأ اليه الدول الممعنة على اختلاف نظمها السياسية، ومدارسها الفكرية فقد كان محمد حسنين هيكل صوت جمال عبد الناصر، وكان العرب ينتظرون مقاله الاسبوعي لمعرفة اتجاهات السياسة المصرية، والدائرين في فلكها دولا واحزابا وتيارات، ثم حل احمد بهاء الدين محل هيكل زمن السادات، ومثلهم أعداء عبد الناصر كذلك،فكان صوتهم كامل مروة وصحيفة الحياة،وغيرها من صحف لبنان على وجه الخصوص، ولم يعب احد على هيكل قربه من عبد الناصر ولم يصفه احد بالسحيج، وكذلك الحال مع الآخرين من كتاب و صحفين، ومثل الدول، وهو مايحدث في الدول التي تصنف بالديمقراطية، فرؤساء الولايات المتحدة الأمريكية يحرصون على ان يكون من حولهم صحفيون وكتاب يعبرون عن ارائهم ويدافعون عن مواقفهم، ومثلهم قادة الدول الاوروبية، و في كل هذه الحالات لا يخفي الكتاب والصحفيين علاقتهم بالرؤساء و الزعماء في دولهم، بل يعتبرون هذه العلاقة نجاحا مهنيا، ومصد را موثوقا للمعلومات، ولم يتهمهم احد بانهم اصحاب اقلام صفراء وبانهم سحيجة، حتى عندما ركب الصحفيون الغربيون الدبابات التي غزت العراق ودخلوه على ظهرها، لم يستنكر عليهم ذلك احدا في بلادهم. بل نظروا اليهم على انهم يمارسون عملا مشرفا.
ومثل الدول والحكومات تحرص الاحزاب والجماعات على ان يكون لها صحفها و كتابها وسائر ادواتها الاعلامية، فقد كان لحسن البنا صحفه وكتابه، وكذلك للحركة الإسلامية في الاردن صحفها وكتابها ووسائلها الاعلامية، وكذلك الحال للاحزاب اليسارية وغيرها،
فلماذا تقلب الاية في الاردن ويتهم من يدافع عن موقف رسمي للدولة الاردنية بانه سحيج، صاحب قلم اصفر، يحرض وينشر خطاب الكراهية، مع جزمي بان الحكومات الاردنية قصرت وما زالت مقصرة في إقامة علاقة منظمة ومؤسسية مع كتاب وصحفيين اردنيين يكونون صوتها المسموع عند الحاجة، مع عدم انكاري ان هناك علاقات شللية تقوم بين بعض الكتاب والصحفيين، وهذا الوزير او ذاك المسؤول لكنها علاقات تفتقر الى المؤسسية التي تجعلها عابرة للحكومات، ولغياب هذه المؤسسية في العلاقة بين كتاب وصحفيين والدولة الاردنية، خطرين الاول هو بروز اسلوب الفزعة في مواجهة القضايا والمخاطر والتحديات، مما يختلط معه الغث بالسمين، كما حدث بالايام القليلة الماضية بعد الاعلان عن الخلية الارهابية، التي كانت تستهدف امن الاردن واستقراره، اما الخطر الثاني الناجم عن غياب العلاقة المؤسيسة بين الدولة الاردنية ومجموعة كتاب وصحفيين، فهي بروز ظاهرة الابتزاز وكتاب الفواتير الذين يحدد موقفهم الثمن الذي يقبضونه، وهؤلاء لا ينصرون قضية اذا جد الجد. فهل تسد دولتنا هذه الثغرة في خطوط دفاعها. وقبل ذلك تتوقف عن معاقبة من يقفون معها ومكافاءة من كانوا اعدائها او من يمسكون العصى من المنتصف. ــ الراي
