امجد فاضل فريحات
المعلمون إلى أين
قوانين وتعليمات متجددة وفي كل عام تخص المعلم لوحده وتطبق عليه دون بقية موظفي الدولة .
ابراج من الكاميرات في كل مكان داخل المدرسة لمراقبة المعلم بكل تحركاته .
بصمة لمتابعة قدوم ومغادرة المعلم دون غيره .
فرق عديدة تفتيشيه لمتابعة ومساءلة المعلم وﻷدق تفاصيل حياته داخل مركز عمله .
وفي الختام يصحى المعلم أمس في مدرسة المرقب وبقلب العاصمة عمان على وابل من الحجارة والعصي واﻷسلحة البيضاء وتكسير مركباتهم التي أمتلكوها بعد أن جمعوا مالها عبر سنوات عديدة حتى تسنى لهم ركوبها لكي توصلهم لمكان عملهم .
كم مؤتمر تربوي عقد عبر تاريخ وزارة التربية والتعليم ، وتمت مناقشة كل شيء يخص التربية والتعليم ، ولكن تناسى المؤتمرون واسقطوا من حساباتهم المعلم واﻷعباء الملقاة على عاتقه ، وفي كل مؤتمر وبكل تطوير تربوي لا ينظرون للمعلم إلا نظرة المنفذ لقوانينهم وتعليماتهم ، ومحرم عليه أن يشارك في اي شيء يخص مهنته ، لا بل وتجدهم يصدرون التشريع لحماية ماتخطه افكارهم وأهوائهم ، وبعد كل هذا تجد اﻷمور تراوح مكانها دون أي تقدم حقيقي مرضي عنه أمام الرأي العام .
إن المعلم اﻵن يقف على مفترق طرق نتيجة اﻹهمال المستمر والمقصود في أحوال المعلمين وأسلوب معيشتهم ، وبالمقابل طلبات وأوامر تصدر في كل حين من أجل توثيقه وجعله جثة هامدة في نهاية كل يوم دراسي .
في كل يوم يكون البرنامج الدراسي للمعلم حافلا بالمسؤوليات سواء في حضور الطابور الصباحي أو اﻹكتواء بحر الصيف وذوق برد الشتاء القارص ، ومن ثم الحصص المتواصلة والتي تمنعه في الكثير من الأحيان شرب كأسا من الشاي الساخن ، لابل وكثيرا ماكان يعود إلى هذا الكأس ليشربه وهو بارد حتى يستطيع القيام بواجباته الثقيلة الحمل ، وبعدها ينتقل للمناوبة على الطلاب وكأنه عريف خفر يكون مسؤولا عن الطلبة ومتحملا للمسؤولية بحال حدوث أي شيء لهم ، ناهيكم عن اﻹختبارات وتصحيحها في المنزل وتنزيل العلامات على منظومة اﻹيديويف ، باﻹضافة إلى التحضير اليومي والخطط السنوية وتفاصيلها المتجددة في تحليل المحتوى وجدول المواصفات و ، و ، والكثير من التفاصيل من الواجبات الدقيقة خلال اليوم الدراسي .
المعلم اﻷردني اﻵن مسلوب اﻹرادة ، حتى صناديق اﻹدخار والعائدة له مسيطر عليها من وزارة التربية وتتحكم بأموالها عبر ثلاثون سنة من عمر كل معلم داخل مهنته ، يتم بها الخصم اﻹجباري عليه دون تقديم أي مرابحة للمعلم على هذه اﻷموال ، ولايحق له وقف اﻹقتطاع ، وحتى نقابة المعلمين لم يسمح لها بأخذ هذه الصناديق نتيجة الشروط التعجيزية التي وضعت حول هذه الصناديق من قبل الوزارة .
وماذا بعد ذلك وإلى أين تتجه البوصلة الموجههة نحو المعلم والهادفة إلى تجريده من جميع قواه وإفراغها من محتواها وجعله ألعوبة أمام الطلاب وأضحوكة أمام الشعب ، وإلا مامعنى ان يصرح الوزير السابق بتصريحات يسيء بها للمعلم ويشوه صورته ويصفه بأنه ضعيف وشبه أمي ، وكان الوزير قد نسي أنه تتلمذ على يد المعلمين هو وغيره ممن وصلوا ﻷرفع المناصب ، وهل نسي الوزير كيف قدم المعلمون العلم في دول الخليج وغيرها من الدول ودورهم في بناء تلك الدول وتقدمها .
إن ماحصل من إعتداء آثم على الهيئة التدريسية في مدرسة المرقب في العاصمة عمان من قبل مجموعة سولت لهم أنفسهم بأن هذا المعلم هو الحلقة اﻷضعف بين بقية الوظائف ، وكونه مكشوف ومعرى وغير مغطى من وزارته ، وأن المجتمع لن يقف إلى جانبه ، ولهذه اﻷسباب كلها أصبح المعلم كالقشة في مهب الريح ، وبناء على ذلك جاء اﻹستخفاف بالمعلم واﻹساءة له في عقر مركز عمله المقدس .
يجب التنويه إلى ان الشعوب الحية والتي تريد التقدم والرقي واللحاق بركب اﻷمم المزدهرة وجب عليها أن تركز على المعلم وتهتم به وترفع من شانه لا أن تحط منه ، ﻷن المعلم هو من يعلم قيم الولاء واﻹنتماء وحسن اﻷدب إلى جانب العلم ، وبعكس ذلك وإذا استمر هذا اﻹستخفاف وتهميش المعلم والحط من قدره ، ومطاردته بلجان التحقيق في مدارسه ، وعدم اﻹلتفات ﻷوضاعه المادية الصعبة ستكون النتائج عكسية بكل ماذكر سابقا ؛ لأن القاعدة تقول : إن فاقد الشيء لايعطيه