راتب عبابنة
يكتنف الغموض ما يدور على حدودنا الشمالية وجنوب سوريا رغم أن كل المصادر تؤكد اشتراك الأردن بالتحالف الأمريكي البريطاني. لكننا نسمع تصريحات عامة من مسؤولينا مثل أحقية الدفاع عن الوطن ومنع التسلل والوقوف بالمرصاد لداعش والإستمرار بمحاربة داعش وإرهابه.
بالمقابل لا نسمع من نفس المصرحين عن ماهية وآلية تنفيذ ما يزيل الغموض المخيف ويضع المواطن بالنور. وهنا يبقى المواطن رهين معلومات خارجية مصدرها أجنبي مما يوسع الهوة بين المواطن والجهات الرسمية التي عليها وضع الشعب بحقيقة الوضع بشفافية وصدقية تكتسب هذه الجهات الرسمية من خلالها إمكانية استعادة الثقة التي انعدمت منذ ما يقارب العقدين. وبقدر ما نستقي من أخبار وحقائق من الخارج بقدر ما نشعر بالألم عند اكتشافنا ما تخفيه عنا الجهات الرسمية.
وعندما نطالب بالشفافية والإبتعاد عن الغموض والضبابية، لا يعني أن تدخلنا الدولة بتفاصيل العمليات القتالية والإستخباراتية، بل هي العناوين العامة التي نطلبها حتى لا تشكل المصادر الأجنبيةالرأي العام الأردني.
الشعب الأردني يهمه الإستقرار والهدوء والأمن ويعض عليهم بأسنانه، لكن ذلك في الوقت نفسه لا يعني رضاه عن النهج القائم سواء من ناحية كيفية اتخاذ القرارات المتعلقة بالإدارة اليومية لشؤونه أو من ناحية كيفية التصدي للإرهاب.
وهذا يقودنا للتعريج على الهيئة الإستشارية التي تزود الملك بالرأي والنصح ونقل الواقع ونبض الشارع وردة فعله تجاه القضايا الحساسة التي تمس حياته ووطنه الذي لم ولن يهادن عليه مهما كانت الإغراءات والضغوطات. من المؤكد ومن خلال التجربة والمشاهدات والمتابعات أصبح أمرا مسلما به ويقينا راسخا عند المواطن أن من يستمع لهم الملك ليسوا أمناءا ولا ينقلون حقيقة الوضع وهو ما يأخذبه الملك لثقته المطلقة بهم وحدهم والبناء عليه. والمنطق يقول طالما أنك تحكم شعبا بالملايين فالأولى والأجدر أن تقارن ما يصلك من “أهل” بما يدور بين المواطنين.
وقد سبق لجلالته وأثناء الإنفجار العربي أن قال أن ثقة المواطن بمؤسسات الدولة قد ضعفت/انعدمت. فهي بحاجة لتقوية وتعزيز، بل واستعادة لأنها لم تعد موجودة. لكننا نزحف كالسلحفاة بهذا المجال وما حصل من ترميم بسيط فهو يتعلق بما لا ينعكس إيجابا على حياة المواطن. الحكومات تحارب الشعب بقوته بشتى الوسائل. أي عنوان له تفاصيله، فعنوان مثل الثقة ضعيفة/معدومة تفاصيله تكمن بالنهج المتبع الذي تغيب عنه الرقابة الذاتية والنيابية وهنا تكمن الحاجة الماسة لتدخل الملك بشكل واضح لكي يتم تجسير الهوة وردمها لاستعادة الثقة وضمان التكاتف بين القاعدة والرأس.
وهذا البناء القائم على الوهم والخديعة اتضحت نتائجه واكتوى الشعب بتبعاته سنين طويلة اتضحت للقاصي والداني في الوطن وخارجه مما يخلق صحوة تتساءل وتسأل بصوت عال لماذا كل هذا؟؟!!
يبدو أن الصحوة متأخرة أو ربما لن تحدث وهو الأمر المحيّر والمقلق والذي بدوره وضع أسئلة على لسان كل مواطن فحواها هل نحن الشعب فريق يصارع فريق النظام ومعه البطانة والحكومة؟؟
سؤال مشروع وحتمي يقفز للأذهان فارضا نفسه. لكن بقرارة أنفسنا كثيرا ما نحاول استثناء واستبعاد النظام من بوتقة التوافق مع السلطة لإلحاق الأذى بالشعب.
ونتيجة ذلك الغموض في بعض المواقف ووضوح النتائج واستحقاقاتها التي نراها تنعكس على الشعب والوطن وعلى النظام نفسه بما لا نرغب ولا يرغب، نرى أن هناك شعور من السخط والإمتعاض بدأ ينال من الإنتماء للوطن الذي نراه يرفض المخلصين والوطنيين ويقصي القلقون على وطنهم، مثلما نراه يحتضن الفاسد والمتاجر بمستقبل الوطن وطالبي المناصب التنفيعية.
شرخ لم يسبق له مثيل بين الشعب والدولة وإن ترك دون علاج وترميم، فإني أرى عواقبه وخيمة لا قدر الله. تدعون الشفافية والغموض سيد الموقف وتدعون الحرية ونرى الكبت قد أصاب كل ذي روح وأوهمتمونا بالكثير من الخير ونرى الفقر يزداد وقلتم أنكم خدم للمواطن ونرى إبداعكم بإذلاله والتغول عليه.
ألم تكتفوا؟؟ هل تجردتم من الضمير والإنسانية؟؟ إن سرقتم فلا تتركوا شيئا وإن وعدتم لا تصدقوا وإن بررتم فلا يقبل تبريركم الأطفال وإن رفعتم الرواتب فالزيادة لمن لا يحتاجها والحماية يؤمنها لكم من يتقاضون فتات رواتبكم. لم يعد تدليسكم ينطلي على شعب واع متعلم ويقرأ ما بين السطور. وإن ظننتم أن سلطانكم يحميكم فأنتم واهمون وأن أمولكم المنهوبة تنجيكم فأنتم غافلون.
عندما يريد الشعب الحياة المثلى فلا بد للقدر أن يكون بجانبه والشواهد والعبر من حولنا تتحدث عن نفسها.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com