قالت دائرة الإفتاء العام، في فتوى لها نشرتها عبر موقعها الإلكتروني، إنه يجوز الإطعام والإنشاد في المسجد احتفالاً بالمولد النبوي، ولا مانع من تسميته بعيد المولد النبوي شريطة أن تكون تسمية عرفية لا شرعية.
وأجابت الدائرة على استفسار وردها مفاده ” كيف يكون الاحتفال بالمولد النبوي، وهل يجوز أن نسميه “بعيد المولد”، وما حكم الإنشاد فيه وتقديم الحلوى والطعام، وهل يجوز أن يكون ذلك في المساجد؟”.
وكانت الإجابة كما يلي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يكون الاحتفال بالمولد الشريف بتلاوة آيات الكتاب العزيز، ثم ذكر السيرة النبوية العطرة، والشمائل الكريمة، والحث على التمسك بالدين، وسماع المدائح النبوية، وختم المولد بالدعاء. والاحتفال بالمولد يشكل موسماً سنوياً لمزيد من الدعوة إلى الاقتداء بسنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، والسير على خطاه ونهجه، والله تعالى أمرنا بذلك، قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب/٢١.
وأما تسميته بعيد المولد أو ذكرى المولد لا مانع منها؛ لأنه لا مشاحة في الاصطلاح، فالناس تقول: عيد العمال، وعيد الأم، وعيد الشجرة. والمقصود هنا العيد لغة أي الذي يذهب ويعود، لا المعنى الشرعي الذي هو يوم مخصوص فيه شعائر مخصوصة ويحرم الصيام فيه، فتسمية المولد بالعيد تسمية عرفية لا شرعية، ولا مانع منها.
ويجوز الإنشاد في المسجد إذا كان مباحاً، ويستحب إذا كان في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري ومسلم (أن عُمَرَ مَرَّ فِي المَسْجِدِ وَحَسَّان يُنْشِدُ فَقَالَ: كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ، وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ التَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ؟” قَالَ: نَعَمْ).
قال النووي: “فيه جواز إنشاد الشعر في المسجد إذا كان مباحاً واستحبابه إذا كان في ممادح الإسلام وأهله” [شرح النووي على مسلم ١٦ /٤٦].
وأما تقديم الحلوى والأمور الأخرى فهي من الكمالات، فإن وجدت لإظهار الفرح والسرور بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فلا مانع من ذلك، وليست من شروط الاحتفال أو لوازمه، وفي كل الأحوال فإن إطعام الطعام أمر مستحب شرعاً؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) رواه البخاري. والله أعلم.