تضامن : ضعف تقديم المساعدة القانونية للفئات الأقل حظاً من أهم تحديات العدالة الجنائية في الأردن
أشار التقرير السنوي عن أعمال السلطة القضائية لعام 2016 والصادر عن المجلس القضائي الأردني وتحت بند أعمال النيابة العامة، الى أن من أهم التحديات التي تواجه العدالة الجنائية، ضعف تقديم المساعدة القانونية للفئات الأقل حظاً وغير القادرين على تحمل نفقات المحاماة في قضايا الجنايات التي عقوبتها أقل مما تنص عليه المادة (208) من قانون العقوبات الأردني.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن التقرير بين عدداً آخراً من التحديات وهي طول أمد التقاضي في القضايا الجزائية لأسباب عده من بينها تأخر توريد التقارير خاصة الطبية منها وغياب متابعة ملفات القضايا. وغياب المنهجية المتبعة لدى المحاكم في تعيين المحامين وعدم وجود معايير دقيقة لذلك. وضعف تفعيل دور النقابة ومؤسسات المجتمع المدني من أجل تقديم المساعدة القانونية للفقراء، والمساهمة في إيجاد الحلول المناسبة للفئات المهمشة أمام عقبات حق التقاضي.
وأضاف التقرير بأن من بين التحديات تفعيل دور مؤسسة العون القانوني عن طريق تعزيز مهارات مجموعة من المحامين الذين سيتم إستقطابهم للتدريب المتخصص، وعدم وجود دور لمؤسسات المجتمع المدني في التشريعات النافذة يسمح لها في إبداء ملاحظاتها على مشاريع القوانين ذات العلاقة، كما أن النصوص القانونية والتشريعات التي تنظم العلاقة بين النيابة العامة والمراكز الأمنية والمؤسسات الأخرى غير واضحة.
ومن التحديات الأخرى، سؤ الفهم المتبادل بين النيابات العامة ومؤسسات المجتمع المدني للدور والمهام الملقاة على عاتق مؤسسات المجتمع المدني، حيث ينظر الى هذه المؤسسات على أنها تقوم بدور رقابي فقط وترصد الأخطاء دون الإيجابيات، وفي الوقت نفسه تمارس المؤسسات هذا الدور.إضافة الى ضعف دور النيابة العامة في الإشراف على السجون ومراقبة إنتهاكات حقوق النزلاء، وعدم وجود مدع عام داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، أو آلية للمتابعة الدورية لأية إنتهاكات ضد حقوق النزلاء.
توصيات التقرير
وتضيف “تضامن” بأن التقرير خرج بمجموعة من التوصيات في هذا المجال وأبرزها العمل على توفير ضابطة قضائية متخصصة في الضبط القضائي، وإيجاد صيغة تفاهم دائمة لتنظيم التنسيق والتعاون بين النيابة العامة والمراكز الأمنية والتنفيذ القضائي والجهات ذات العلاقة، ومساعدة الأجانب الذين لا يتقنون اللغة العربية من خلال توفير الترجمة المتخصصة والمباشرة حسب المعايير الدولية سواء كانت ترجمة شفهية أو كتابية لبعض المتهمين، ووضع آليات لحماية الشهود والمتهمين والمجني عليهم من التهديدات التي قد يتعرضون لها من الأطراف الأخرى في الدعوى، وغيرها من المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان في مجال العدالة الجزائية، وضرورة تفعيل التوجه الى إستخدام بنود واحكام الإتفاقيات الدولية عند صياغة اللوائح والمرافعات.
كما أوصى التقرير بتجميع القوانين التي تعنى بمكافحة الجريمة وضمها جميعاً في قانون واحد والحد من تشتتها، وإيجاد هيئات متخصصة لتلقي شكاوى إنتهاكات حقوق الإنسان وإيجاد آلية لمتابعة هذه الشكاوى.
إرتفاع في نسبة وصول النساء الى العدالة في الأردن بحوالي 7% خلال عام 2016
من جهة أخرى ذات علاقة، تشير “تضامن” الى أن هنالك إمرأة واحدة من بين كل أربعة مشتكين في القضايا الحقوقية، وإمرأة واحدة من بين كل خمسة مشتكين في القضايا الجزائية، وفقاً لتحليل أعداد المشتكين في القضايا الحقوقية والجزائية خلال عام 2016 أمام المحاكم الأردنية، وهي تعكس ضعفاً في وصول النساء الى أنظمة العدالة بسبب معيقات متعددة.
وتؤكد “تضامن” على أن معرفة هذه المعيقات سيسرع من سبل وإجراءات ووسائل معالجتها، بما يضمن الوصول الآمن والميسر للنساء الى أنظمة العدالة المختلفة للحصول على حقوقهن القانونية.
وتبرز أهم هذه المعيقات في التشريعات التمييزية ضد النساء وغياب النصوص القانونية التي تعزز الحماية القانونية والجزائية بشكل خاص في عدد من القضايا الحقوقية والجزائية. وتعاني النساء من معيقات في جميع المراحل للوصول الى العدالة، سواء أكانت مراحل إجرائية (كتقديم شكوى لدى المراكز الأمنية أو دفع أتعاب المحاماة أو رسوم المحاكم) أو مراحل تنفيذية في حال نجحت النساء في الحصول على أحكام لصالحهن حيث تبقى سبل التنفيذ صعبة ومعقدة.
إن التمثيل النسائي الضعيف في مختلف أنظمة العدالة من ضابطة عدلية وقضاة، ونقص التدريب والتوعية لجميع العاملين في الأجهزة والمؤسسات المعنية بإنفاذ القانون حول العدالة من منظور النوع الإجتماعي، تؤثر سلباً على قدرة النساء في الوصول الى العدالة.
ويتعذر وصول العديد من النساء الى أنظمة العدالة عندما يبدأن بإستخدام سلسلة العدالة التي تعتبر حلقة الوصل بين القوانين والتشريعات وحصول النساء على حقوقهن ، لا بل في كثير من الأحيان تضيع حقوقهن وتتبعثر في المراحل السابقة أو المبكرة ، وسلسلة العدالة في القضايا الجزائية تبدأ بوجود جريمة يعاقب عليها القانون ومن ثم الإتصال بالمركز الأمني (الشرطة) والتحقيق وإعتقال مرتكب الجريمة (إستدعاء أو كفالة) ، وإتخاذ إجراءات الإدعاء العام ، وبعدها التسوية أو الفصل بالقضية إما بالإدانه والتعويض أو البراءة .
فيما تشكل المعيقات الإجتماعية جانباً آخراً من جوانب ضعف وصول النساء الى العدالة، لخوفهن حرجاً أو عيباً من المطالبة بهذه الحقوق قضائياً خاصة إذا كان المشتكى عليهم من المعارف أو الأقارب، مما يكرس الصورة النمطية والهيمنة الذكورية اللتان تحدان من تمتع النساء بحقوقهن والمطالبة بها قضائياً. وفي كثير من الأحيان يفرض عليهن الصلح والتنازل لمصلحة الأطراف الأخرى.
كما أن العمل على تمكين النساء وزيادة معارفهن بالنواحي القانونية وحقوقهن وطرق المطالبة بها، سيساهم في سد عائق آخر يحول دون وصولهن الى أنظمة العدالة.
وأشارت التقارير القضائية الصادرة عن وزارة العدل في الأردن لعام 2016 الى أن أعداد المشتكين من الذكور والإناث في القضايا الحقوقية بلغ 106421 شخصاً منهم 24775 مشتكية من النساء وبنسبة 23.2% من مجموع المشتكين، فيما بلغ عدد المشتكين من الجنسين في القضايا الجزائية 78019 شخصاً منهم 16523 مشتكية من النساء وبنسبة 21.1% من مجموع المشتكين.
وتلاحظ “تضامن” بأن أعداد المشتكين (ذكوراً وإناثاً) قد إنخفضت بنسبة 50.2% مقارنة بعام 2015، فيما إرتفعت أعداد المشتكين (ذكوراً وإناثاً) في القضايا الحقوقية بنسبة 10.1%.
فقد بلغت أعداد المشتكين عام 2015 من الذكور والإناث في القضايا الحقوقية 96602 شخصاً منهم 15520 مشتكية من النساء وبنسبة 16% من مجموع المشتكين، فيما بلغت أعداد المشتكين من الجنسين في القضايا الجزائية 155279 شخصاً منهم 21857 مشتكية من النساء وبنسبة 14% من مجموع المشتكين.
وهنالك تحسناً ملحوظاً في وصول النساء الى العدالة حيث إرتفعت أعداد المشتكيات في القضايا الحقوقية بنسبة 7.2%، فيما إرتفعت أعداد المشتكيات في القضايا الجزائية بنسبة 7.1%، مقارنة بعام 2015.
وتجد “تضامن” بأن تجاوز هذه المعيقات يتطلب العمل على حماية وتمكين النساء قانونياً، وإجراء إصلاحات تشريعية وقضائية مراعية للنوع الإجتماعي وإعفاء النساء من رسوم المحاكم خاصة في قضايا العنف ضدهن أو قضايا العنف الأسري، وتأمين خدمات قانونية مجانية لهن، وتوفير أنظمة محكمة وفعالة لتنفيذ الأحكام القضائية تراعى فيها السرعة. إضافة الى تشجيعهن مجتمعياً وأسرياً على المطالبة بحقوقهن وعدم السكوت عن أي إنتهاك يتعرضن له، من خلال تغيير الصورة النمطية وإنهاء ثقافة الصمت والوصمة الإجتماعية.