تحليل ومناقشة منال بوشتاتي
تصرخ الأحاسيس في أغوارنا لكنها لا تجرؤ أحيانا على الخروج بهويتها الحقيقية فتأخد حيزا في مواقع التواصل الاجتماعي ؛ بتوقيعات مستعارة فتزهر العواطف في مشاعرنا وتسيل دموع الخيبة والفرحة على خدودنا فتكاد تسقيها منا من يجرؤ على البوح في ساحة الفيسبوك فيحرر رواسبه المشروخة وينثرها على حائط حسابه الفيسبوكي بدون خجل وأحدهم يتسول الحب والشفقة ؛ وغيره يعبر عن وجهة نظره بكل جرأة والتالي يفرغ الشجن ليرتاح من حرارة الأسى ولايكترث للصوت الساخر فيما يحجب الآخرون معلوماتهم لأسباب اضطرارية وأخرى خبيثة ؛ومن هنا جاءت فكرة رواية أنثى افتراضية لتخترق جدار المعاناة وتجيب عن تساؤلاتنا الغامضة ومن ثم تناقش دوافع شقاء معظم المدمنين على الفيسبوك ؛فيقرر الروائي فادي المواج الخضير أن يغوص في عمق شخصيات الرواية ليكشف من خلالها عن دور الفيسبوك في حياة الإنسان وهكذا نسج خيال السارد رواية أنثى افتراضية فكسر لنا الطابوهات المسكوت عنها وناقش خبايا الواقع المرير مستهدفا بذلك الإشارة إلى إيجابيات وسلبيات مواقع التواصل الاجتماعي في حياة الرجل والمرأة وفي نفس السياق حلل الوجه الحقيقي الذي يخفيه زوار الفيسبوك خلف شاشاتهم حيث يحجب الإنسان هويته فيما يتقمص هوية أخرى ليحترف سيناريو العاشق ويحدث أن يختبر أشخاصا يعرفهم في الواقع ليختبر نواياهم .
قصة أنثى افتراضية جسدت صرخات مكلومة ودموع غزيرة في منتصف الليل وعوالم خفية في طي الموجعات؛أضف إلى ذلك المفارقة التي أبرزها الدكتور فادي المواج في روايته.
الأولى : زوج يسقي زوجته روحا لكن الجسد لا يرتوي بسبب العقم بينما الثانية يروي زوجها جسدها لكنه لايسقي عاطفتها ؛ وحسب تحليل الأديب يتضح أن طريق معالجة المشكلة عند الأولى مقبولة نسبيا أما البطلة الثانية فطريقة حل مشكلتها غير مشروعة ؛إلى جانب ذلك صرح الدكتور فادي المواج لميديا نيوز أن الرواية تكشف في مستواها السطحي عن دور الوجدان والروح في بناء العلاقات الإنسانية لاسيما العلاقة الاجتماعية مسترسلا في نفس السياق عن طريقة استخدام الفيسبوك وأثره في النفس والمشاعر والتفكير وغيرها .
هنا نستنتج أن الزوجة الأولى ربطت موعدا مع حبيبها الافتراضي القديم أملا في مساعدتها على إيجاد طريقة علاج لزوجها ذلك لأنه أخبرها من قبل في محادثة فيسبوكية أنه يعرف شخصا يعالج العقم بطريقة غير تقليدية
وفي إطار هذه المراسلة يستجيب الصديق الافتراضي لطلبها بعدما يقول لها أنا وجدت نصفي الآخر وأحتسي قهوتي معه طبعا يريد أن يذكرها أنها كانت تهرب من رسائله المعسولة بعبارتها المألوفة فنجان القهوة لن أشربه إلا مع نصفي الآخر؛ وحين ذهبت إلى المكان المحدد وجدت أن حبيبها الافتراضي هو زوجها نفسه أما البطلة الثانية هي امرأة متزوجة تعمل موظفة في بنك تربط علاقة مع دكتور علم الاجتماع دون الغوص في نزوة الجسد ؛وفجأة تقرر اكتشاف حبه لها فتحادثه عبر حساب وهمي على الفيسبوك فتجده يحدثها وكأنها أول أنثى في حياته فتحترق بنار الغيرة لأنها لاتريد أن يشاركها بالدكتور أحد
ومن هذه الزاوية أستنتج أن رواية أنثى افتراضية كسرت نمطية بعض الأقلام نظرا لما تحمله من تشويق في قالب حكائي درامي ؛ استطاع من خلاله الأديب فادي المواج الخضير تصوير الواقع بحس شاعري وأسلوب فني حيث عزف سرده على سمفونية وجدانه فسافر عبر سفينة خياله إلى مسرح الأحداث وشخص بقلمه الصارخ وتطلعاته المشرقة تفاصيل الحكاية موجها رسالة إنسانية تدعو إلى سؤال الذات وسقي زهور العواطف بمياه المحبة وإهداء باقتها الملونة إلى مستحقيها