د.حسام العتوم
عيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه، المبارك والميمون الذي صادف 30 كانون الثاني 2018 يعكس سنوات العمل والعطاء الدؤوب، وعبر مسيرة عطرة مشرفة منذ ميلاد جلالته عام 1962 وتسنمه لسلطاته الدستورية عام 1999.
ويأتي تتويجاً لتاريخ وطننا الغالي الأردن المرتبط بصهيل وحراك ثورة العرب الكبرى المجيدة المرصعة بجهد الهاشميين الأحرار، والهادفة عند انطلاقتها لتوحيد بلاد الشام، والوطن العربي، تحت شعار ونهج (الوحدة والحرية والحياة الفضلى)، فأثمرت جهود شريف العرب وملكهم الحسين بن علي منذ عام 1916 على إبراز دور الأمير الملك لاحقاً عبدالله الأول في بناء إمارة ودولة الأردن عام 1921، وفي ترسيخ نواة للصحافة ومنها الاستقصائية تحت توقيعه الصحفي (ع)، وفي التأسيس لوصاية هاشمية راسخة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف بعد مبايعة فلسطينية وعربية، حمل إرثها ملك بعد ملك حتى آلت لمليكنا المفدى عبدالله الثاني حامي المقدسات في فلسطين وراعيها. يقول المؤرخ الأردني الراحل سليمان الموسى في كتابه (الحركة العربية، ص694/695): … إن الملك حسين قام بالثورة وهو يعتقد اعتقاداً جازماً أن الوحدة العربية ستكون من جملة نتائجها… وبحيث تتمثل الوحدة في العلم الواحد والنقد الواحد وجوازات السفر الواحدة، والمصالح الاقتصادية الواحدة والجيش الواحد.
و(سيدنا) لقب شعبي أردني محبب يطلقه الأردنيون على جلالة الملك عبدالله الثاني من زاوية الولاء والانتماء، وهو معمول به منذ عهد عظينا الراحل الحسين طيب الله ثراه، ومليكنا العظيم عبدالله الثاني ينتسب هاشمياً إلى هاشم الجد الأكبر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من قريش من قبيلة بني كنانة، والتي تنحدر بدورها من النبي إسماعيل، ابن النبي إبراهيم.
ولقد حكم الهاشميون الأردن منذ تأسيس إمارة شرق الأردن 1921 بعد الثورة العربية الكبرى ضد الأتراك، وهي الثورة المجيدة التي اصطدمت مع مخططات الإنجليز والفرنسيين وصهاينة العتمة عبر معاهدتي سايكس – بيكو 1916، ووعد بلفور 1917، لكنها نجحت في بناء الأردن عبر تيجان الملوك عبدالله الأول المؤسس الشهيد لاحقاً عام 1951 في ظروف غامضة، وطلال صانع الدستور 1952، والحسين الباني 1953. وأريد لها وحتى الساعة أن تخفق في بناء وحدة بلاد الشام، وبلاد العرب كافة لأسباب استعمارية واحتلالية مباشرة إسرائيلية (فلسطين، والجولان السورية، ومزارع وتلال شبعا اللبنانية)، وإيرانية (جزر الإمارات – طنب الكبرى والصغرى اللتان تتبعان إمارة رأس الخيمة، وأبوموسى التي تتبع إمارة الشارقة)، وإسبانية (جزر ليلى، وسبتة، ومليلة) وأمريكية – إسرائيلية مشتركة (القدس الشريف وفلسطين).
ذكر جلالة الملك عبدالله الثاني في كتابه (فرصتنا الأخيرة- السعي نحو السلام في زمن الخطر، ص177 (عمّ الحزن والأسى أرجاء الأردن على مدى الأيام والأسابيع التي تلت وفاة والدي، وقد حدّ الأردنيون على ملك لم يكن معظمهم قد عرف قائداً سواه. أما أنا فكنت أمام صراع ذاتي في مواجهة الخسارة التي أصابتني بفقدان والدي الذي طالما كان ذو حضور حازم وموجّه في حياتي. لكن الوقت كان أضيق من أن يتسع كثيراً لحزني الشخصي، ففي الليلة السابقة لجنازته نمت وأنا رب عائلة من أربعة أفراد لأستفيق صباح اليوم التالي وقد أصبحت عائلتي خمسة ملايين نسمة. وإذا شئت أن أذكر درساً بعينه تلقنته من والدي ومعلمي فهو أن على الملك أن يكون راعياً لشعبه أكثر منه حاكماً لهم). انتهى الاقتباس. وتعليقي هنا هو بأن تاريخ الأردن المعاصر سيبقى يذكر الحسين الباني بكل الفخر والاعتزاز، ولا زال جيل جلالته شاهداً على الإنجاز الكبير في عهده الميمون حيث الجامعات والمستشفيات، والمطارات، والمدارس، والشوارع المعبدة، والبنوك، والعلاقات الدولية المتوازنة والواسعة، ومؤسستي الجيش والأمن العريقتين، وحيث معاهدة السلام عام 1994 التي أريد لها أن تشكل سداً قانونياً منيعاً بوجه أطماع إسرائيل الاحتلالية بعد نكبة 1948، ونكسة حزيران 1967، ونصر الكرامة عام 1968.
والآن سيدي جلالة الملك عبدالله الثاني لقد أصبحتم أمام عدد من السكان وصل إلى الضعف أي حوالي 10 ملايين نسمة، إلى جانب فاتورة زائدة من اللاجئين العرب الأشقاء، شكل الجدد منهم حملاً ثقيلاً على الوطن وخزينة الدولة وبنسبة تصل إلى 25% من الموازنة العامة كما صرحتم جلالتكم في 11 تشرين اول 2017، فكان الله في عونكم مولاي على حمل رسالة الأمة لما فيه كل الخير.