أنتم شركاء في معاناة الوطن!
نقولا جون خازر
بغض النظر عن نتائج إضراب اليوم والتعطل العام، آن الأوان لمراجعة موضوعية بدون تجميل للحقائق، والبحث عن جواب لسؤال أعتقد أنه طرحه بات مهما جداً في هذا الوقت العصيب. وهو، هل نحن شركاء بما وصل إليه الوضع في الأردن من فساد وترهل إداري وعجز وغيره من مصائب؟؟
قبل التسرع في إصدار الأحكام ضدي ونعتي بكل صفات الخيانة و(التسحيج) وهي كلمة لا أتفق معها. دعونا ننظر للموضوع من زاوية أخرى، زاوية لطالما وضعتم رؤوسكم بالرمل مثل النعام عند مناقشتها أو الاقتراب منها. وللإجابة على السؤال المطروح، لا بد لنا من زيارة العبدلي، مجلس النواب تحديدا، نتفقد بيت التشريع الأردني، والحامي لمقدرات الشعب والوطن، والحصن المنيع ضد تغول السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى وعلى قوت المواطن.
هذا البيت أو المجلس الذي كان يفترض أن يكون ملاذنا وساحة نقاشنا أصبح بيتا للأشباح، فساكنيه لا حول لهم ولا قوة، أسمع جعجعة ولا أرى طحناً، حاضرون في الجاهات والمناسبات وغائبون عن مصلحة الوطن والمواطن. قد يقول قائل، نوابنا يهتمون لمصالحهم الخاصة، ولا يريدون إزعاج الحكومة لكي لا تنطبق عليهم صفة المعارضة.
نعم هذا الكلام صحيح، لكن ما تقدم يطرح سؤالا آخر، من أوصل هؤلاء إلى بيت التشريع، إلى المكان الذي يجب أن تنطلق منه كل المعالجات والحلول للأزمات التي يمر بها الأردن الحبيب؟ الجواب، أنتم وأنتم تتحملون وزر هذا الخطأ كل أربع سنوات منذ بداية الحياة البرلمانية في الأردن. نواب الأردن من المكونات الأردنية، حيث لم يذكر أننا استوردنا نواباً من الفضاء.
هذا الغياب المخزي لمجلس النواب، ليس إثما على النواب وحدهم، بل هو إثم على كل من صوت لنائب وأوصله للقبة، وأنتم شركاء طوعيون بكل ما يحدث في البلد. هناك حالة مع عدم الفهم وعدم الرغبة في الفهم، في أن الأداء الضعيف لمجلس النواب على اختلاف نسخه، سمح للحكومة بالتغول الكامل على حقوقكم، وقوتكم، وذلك أعطاها نصيبا من الراحة لعدم التفكير في اجتراح حلول خلاقة لحل الأزمات في البلد، غير زيادة الضرائب والرسوم، طالما أن ممثلي الشعب كلهم بصوت واحد ..ثقة.. ثقة .. فلولا هذا الضعف لما تحرك الشارع وتعطلت الدولة.
أنتم يا إخواني شركاء في هذا الضعف ومسؤولون عنه تماما، وتنصلكم من المسؤولية يزيد الأمور تعقيدا، علينا أن نفيق من غيبوبتنا السلوكية، والانقياد لمقرات المرشحين دون تفكير، وفرز مجموعة من الانتهازيين والجهلة ليتصرفوا نيابة عنا. فكروا مليا قبل أن تتوافدوا لبيوت الوزراء والمسؤولين مهنئين دون وعي.
إياكم أن تشتموا مجلس النواب أو تحملوه مسؤولية ما يحدث في البلد، فأنتم بذلك تشتمون أنفسكم بعلمكم. إذا كانت لديكم الرغبة في محاربة الفقر والفساد والتغول الحكومي، عليكم أن تقفوا مع أنفسكم لمرة واحدة وقفة صادقة عند الانتخابات البرلمانية لكي تفرزوا أشخاصا قادرين على تمثيلكم وحماية مصالح هذا البلد الذي يعاني بسبب اختياركم وسلوككم المحكوم بالمحاصصة والقبلية السلبية.
القرار بيدكم أنتم وكل تغيير إيجابي في بلدنا الحبيب بداية من رفع الأذى عن الطريق هو لمستقبل أطفالكم، لا تظلموا أنفسكم.