د. فهد الفانك
نقرأ هذه الأيام إعلانات عن إجراء انتخابات أولية بين أفراد هذه العشيرة أو تلك لاختيار مرشح واحد من بين المتنافسين ، بحيث يعتبر مرشج إجماع العشيرة ، ويحصد جميع أصواتها.
العشيرة ليست حزباً سياسياً تجمع بين أعضائه باتجاهات سياسية متماثلة ، ففي العشيرة وطني وقومي وإسلامي وربما داعشي. والمفروض بعضو العشيرة كأي مواطن أن ينتخب من ينسجم مع اتجاهه السياسي والفكري وليس بالضرورة ابن العشيرة الذي قد يكون له اتجاه آخر معاكس.
إذا استمر هذا الحال فإن مجلس النواب الأردني يجب أن تعاد تسميته مجلس ممثلي العشائر. واذا كان الأمر كذلك فإن الدعوة إلى حكومة برلمانية تصبح مهزلة ، فنحن لسنا بإزاء حزبين أو ثلاثة بل ماية حزب أو أكثر والنواب لم يأتوا بقوة أحزابهم بل بقوة عشائرهم.
حتى رؤسـاء وقادة الأحزاب يترشح بعضهم تحت مظلة عشائرهم ، ويحصلون على أصوات من أقارب قد يكونون ضدهم عقائدياً ، كما اتضح عندما انشق بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين عن الجماعة ، ورشحوا أنفسهم كمستقلين ، وفازوا بقوة ، مثل الأزايدة والعكايلة.
عدد الأحزاب الأردنية المرخصة أو في مراحل الترخيص يقترب من المائة ، وهذه ليست أحزاباُ بالمعنى المعروف ، بل أفراد يشكلون أحزاباً من أقاربهم وأصدقائهـم بنفس الطريقة التي سيتم بها تشكيل القوائم المفتوحة ، بحيث يتنافس أعضاء القائمة فيما بينهم ويجد رئيس القائمة نفسه مضطراً لاختيار زملاء ضعفاء في القائمة حتى لا يفوز أحدهم ويسقط هو.
مما لفت الأنظار أن الهيئة المستقلة للانتخابات اختارت أن ترفع شعار (الاردن ينتخب) مع أن الشعار المماثل في جميع دول العالم يجب أن يكون (الأردن يقرر).
يبدو أن لدى الهيئة حساسية من مسألة القرار ، وترى أن الشعب الأردني لا يحق له أن يقرر بل ان يتقرر له ، مع أن الدستور لم يراع هذه الحساسية عندما جعل الشعب مصدر السلطات مما يقع في باب البديهيات.
المشلكة أن الشعب يمارس السلطة عن طريق نوابه المنتخبين ، لكن النواب يمثلون عشائرهم ، فهل نحن جاهزون للديمقراطية واللامركزية والحكومة البرلمانية أخشى أننا لم نرقَ بعد للمستوى الذي كنا قد وصلنا إليه في الخمسينات.