د. خليف الغرايبة
الكببير والرويبضة… هل يستويان؟؟!!
بقلم :د. خليف الغرايبة
ما دعاني إلى الكتابة في هذا الموضوع الاجتماعي الشّائك (عند عامّة الناس وخاصّة عوامهم) هو ما نلاحظه في الجلسات والاجتماعات التحضيريّة للانتخابات النيابية المنعقدة هنا وهناك…
تعود بي الذاكرة إلى عقديْن من الزمن، حينما جاءنا معاليه (دولته فيما بعد) إلى كلية عجلون وحاضر فينا محاضرة في التربية الوطنيّة، وهنا أتوقّف عند عبارة قالها، ولم ألقِ لها بالاً آنذاك، ونصّ العبارة:(( في مجتمعنا أناس كُثُر يستمتعون في أن يأكلوا كبيرهم))، ومنذ ذلك الوقت حضرتُ 90% من الاجتماعات التي كانت تنعقد على مستوى العشيرة والبلدة والمحافظة، وخاصة الاجتماعات التي تناقش أمور الانتخابات البلدية والنيابية، ولا ابالغ إن قُلْتُ : في كل اجتماع كنتُ ألاحظ تراجعاً للفئات المحترمة التي يجب أن تقود الناس وتوجّههم للمصلحة العامة، وتقدّماً لأناسٍ ليس لهم تصنيف اجتماعي( رويبضاتٍ) يتصدّرون المجالس.
أصبح لدي فضول كبير لمراقبة هذه الظاهرة الخطيرة ليس في اجتماعات الانتخابات بل في كل اجتماع، وشهدتُ تراجعاً ومقاطعة لكثيرٍ من الحكماء والكبار، ليحلّ محلّهم من أبناء جلدتهم أناس- وأقسم بالله العلي العظيم- لا يملكون أي مقوّم من مقومات قيادة البشر( العمر، والغنى، والعلم، والتاريخ الاجتماعي أو البعد التاريخي ….الخ)، يا الله ….إذن هؤلاء هم الرويبضات الذين هم من علامات الساعة كما ذكرهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
قبل خمس سنوات تقريباً قابلتُ معاليه/ دولته في اجتماع وسلّمتُ عليه واستوقفته وذكّرته بمقولته تلك، فضحك بحرارة، ثمّ قُلتُ له :أريد أن أعدّل مقولتك على النحو التالي: (( في مجتمعنا أناس كُثُر يستمتعون في أن يأكلوا كبيرهم، ويستمتعوا في أن يكبّروا رويبضتهم، فإذا شعروا أنّ هذا الرويبضة أصبح كبيراً يأكلونه ليحضروا رويبضة من الدرجة الأولى وهكذا …..)). وتذكّرتُ قوله تعالى:
((أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )) الآية 22 من سورة المُلك.
أخيراً نُذكّر كل المجتمعين في مناطق الوطن أن يتّقوا الله في الرّحم… وفي مصلحة الوطن… ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الوطن والقيادة من شرور هؤلاء الذين يستمتعون في أكل كبارهم… هؤلاء الزّبد، والعوام، والسّوقة، والمرتزقة الذين يتواجدون في معظم ربوع الوطن…. نقول لهم: (( الوطن أكبر من الجميع واجلّ وأسمى… اتّقوا الله من أجل ديمومة الأمن والأمان في وطنٍ يستحق كل أنواع التضحيات)).
(( فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)). الآية 17 سورة الرعد.
وسلامة تسلّم كل النوايا الطيبة… في وطنٍ آمنٍ مطمئن… وقيادة حكيمة مستنيرة….