النواب وغرايبة .. أخبرهم يا رزاز !
انجاز- ايهاب سلامة
الانتقادات اللاذعة التي وجهت لرئيس الوزراء عمر الرزاز من نواب ورؤساء كتل نيابية اعتراضاً على ضمّه الوزير مثنى غرايبة لفريقه الحكومي، بحجة أنه شارك في احتجاجات الشارع ومن بينها الدوار الرابع، بمثابة فضيحة علنية للنواب، الذين وفق موقفهم المعلن، يرفضون اشراك مواطن مارس حقه الديمقراطي والدستوري في التعبير ، بحكومة بلده.. ويعتبرونها جريمة توجب عدم اشراك من (ارتكبها) يوماً في منصب، فأي تقليعة ديمقراطية عجائبية تلك التي ابتدعوها؟
المصيبة، أن الرئيس الرزاز، وقع في ذات الخطأ الذي ارتكبوه، حينما برّر لهم بأننا في الاردن قد اعتدنا على التسامح!؟.. أي أنه هو الآخر اعتبر أن حق المواطن في التعبير عن موقفه ورأيه الذي كفله الدستور جريمة وتمت مسامحته عليها!
كان يفترض برئيس الحكومة أن يخبر من تناسى من النواب، بأن منهم من شارك في احتجاجات الشارع يوماً، وأصبح نائباً لاحقاً .. فهل تسقط شرعية النائب الذي مارس حقه الدستوري بالمشاركة في الاحتجاجات السلمية التي طالما شهدتها البلاد؟
الرزاز، أبلغ النواب، أنه في حال حصلت حكومته على ثقتهم، فإن لهم حقاً دستورياً يخوّلهم طرح الثقة بالوزير غرايبة، ونسي أن يخبرهم بأن غرايبة أيضاً، كان له حق دستوري كمواطن هو الآخر، حينما عبّر عن رأيه وموقفه في الشارع..
طبعاً لا أعرف غرايبة، ولم ألتق به يوماً، ولا أدافع عنه، إنما، أسوأ ما في الهبّة النيابية المناكفة لحكومة الرزاز، انها غير مقنعة، ومكشوفة، وأشبه بحمل كاذب، ومن السخرية أنها زادت من حنق الشارع على المجلس ونوابه، بدلاً من الحكومة، فبعض النواب الذين يستعرضون مراجلهم على حكومة الرزاز اليوم، كانوا هم ذاتهم قططاً أليفة على حكومة الأمس.
المضحك في الأمر، أن بعض النواب، وبعض الكتل النيابية التي تفتح نيرانها على الرزاز وحكومته، هم الذين منحوه وأزيد من نصف حكومته الحالية، ثقتهم الكاملة، اثناء تواجدهم في حكومة الملقي، التي يتهمونها اليوم بكل مصائب البلد، متناسين انها كانت تمرر قراراتها وسياساتها على ظهورهم، وأمام أعينهم، وتحصل على تواقيعهم وبصمات أصابعهم بكل طيب خاطر.
القصة وما فيها، يمكن أن يفندها لك أي صبي فيسبوكي، ويكشف خباياها بكل بساطة ، ويقول لك ان المناكفات النيابية لا تتعدى مناورات تقليدية مكشوفة ساذجة، يسعى البعض من خلالها لمحاولة ابتزاز الودّ مع الحكومة لا معاداتها .. رغم ما تسمعه من أصوات مرتفعة، وبيانات وتصريحات نارية غاضبة، فخلف الكشرة النيابية، ثمة وجه متعطش لرسم ابتساماته في وجه الحكومة، تزلفاً، للحصول على موقع أقرب منها، ولقضم حصة أكبر من كعكتها!
خلاصة: نحن في أمس الحاجة اليوم، الى تشريح العقلية النيابية المستعصية على المنطق، التي تتقلب وتتناقض في لحظة وأخرى، والكشف على خلاياها الدماغية، خلية خلية، وتمديدها تحت جهاز مرنان مغناطيسي، والتقاط صورة مباغتة للحظة انتاجها الفكرة والموقف.. علنا نسجل كشفاً علمياً جديداً!