نسيم عنيزات
نحو اعادة الثقة بين المواطن والحكومة وبناء جسور من العلاقة بينهما
نسيم عنيزات
ثمة ازمة ثقة بين الحكومة والناس تتسع فجوتها باستمرار ومنذ سنوات ، ليست مرتبطة بحكومة معينة ، انما اصبحت ظاهرة مجتمعية خاصة عند جيل الشباب الذي يميل دائما الى عدم تصديق معظم ما يصدر عن الحكومة حتى لو كانت صحيحة ، لا بل تتعدى حالة الانكار الى التعبير عن رأيه عن طريق التواصل الاجتماعي واحيانا بنشر شائعات يتم تركيبها على الطاقم الحكومي او قراراته وهي بعيدة كل البعد عن الحقيقة .
الا ان حالة انعدام الثقة لم تأت عبثا او اعتباطا انما انعكاسا للوقائع على الارض وما تحققه او حققته الحكومة ــ اي حكومة ــ من امال وتطلعات للشعوب وترجمة للوعود والتصريحات التي تصدر عن الحكومة او ما تتضمنه من ردود على خطابات التكليف السامي او بيانات الحكومة امام البرلمان لطلب الثقة ، ناهيك عن الوعود التي تطلقها الحكومات لتحقيق الرفاه والعيش الكريم للمواطن الذي يصطدم بعدها باوضاع اقتصادية ومعيشية اسوأ من السابق .
وهنا عندما نتحدث عن حالة الثقة لا نتحدث عن حكومة معينة انما تراكمية منذ حكومات عديدة اخذت على عاتقها وعودا لم تحقق الحد الادنى منها في سبل عيش كريم لمواطنيها ، حتى ان ازمة الثقة لم تقف عند الحكومات انما تعدتها الى مؤسسة البرلمان وذلك للاسباب نفسها في رفع سقف التوقعات بناء على الشعارات الانتخابية التي كان يطلقها النواب قبل انتخابهم .
ان موضوع الثقة قضية هامة على الحكومة آخذة على محمل الجد والعمل على اعادته لاهميته في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي للدولة والمساهمة في البناء والتطوير من خلال زيادة الوعي والانتماء ومساعدة الحكومة واعطائها الفرصة لتنفيذ برامجها ومنحها فسحة من الوقت للعمل ، لا ان تضيع وقتها في الردود او النفي .
اعادة الثقة او الحد الادنى يحتاج الى عوامل وروافع اهمها الجدية من قبل الحكومة من خلال خريطة طريق ترسمها لنفسها وتعمل ضمن منهاج واضح لا ان تعتمد على الفزعة واصدار بيانات او تصريحات للرد على شائعة هنا او هناك ، لان الترميم ليس كالبناء الذي يحتاج الى استراتيجية ودراسات ورؤى وتصورات لكيفية المعالجة والعمل على تنفيذ برامج سياسية وخدمية ، وتقليل حالة الاحتقان لدى الشارع .
ان المصداقية والشفافية وترجمتها على ارض الواقع عنصران مهمان لاعادة الثقة بين الحكومة والمواطن الذي يحتاج الى جدية حكومية تعمل على تحقيق آماله وطموحاته واحتياجاته ومن اهم عوامل البناء او البداية ، توفير الاحتياجات الرئيسية للمواطن بافضل الطرق واسهلها وهي الامن والصحة والطرق والمواصلات والاسكان والتعليم والعيش الكريم .
العمل على بناء جسور من العلاقة بين المواطن والمسؤول الذي عليه ان يكون قريبا من الشارع والمواطن من خلال زيارات ميدانية ولقاءات مجتمعية للاستماع للمشاكل والتحديات التي تواجه المجتمع والعمل على حلها او مصارحة الناس بالحقيقة والواقع دون الاعتماد على وعود لا يمكن تطبيقها كما ان العلاقة بين المسؤول والمواطن يجب ان لا تكون استعلائية فالاول موجود لخدمة الثاني الذي من حقه مقابلة المسؤول في اي وقت وان يستمع له ولملاحظته وارائه وان يحصل على خدماته باسرع وقت دون تاخير او ابطاء .
وتشكل الوساطة والمحسوبية في المؤسسات الحكومية قناعة لدى المواطن بانه لن ينجز معاملته او يحصل على وظيفة الا بالوساطة والمحسوبية ، لذلك فان العدالة وتطبيق القانون عنصران مهمان للحد من هذه الظاهرة ، كما ان الشفافية وتحديد تعلميات واضحة لدى الموظف الحكومي في كيفية انجاز الاعمال طبقا للقانون دون محاباة العمل ووضع آليات لتغيير وتحسين الاوضاع الخدمية والادارية الى الافضل وذلك بوضع ضوابط قانونية ورقابية للمقصرين والعابثين بالقانون والمال العام .
المواطن لديه رؤية واضحة ويتمتع بدرجة عالية من الوعي والفكر والادراك لما يجري حوله في الداخل والخارج ، لذلك فان اشراكه في القرار عن طريق الحوار والاستماع والنظر لارائه بدرجة عالية من التقدير والاحترام باعتباره شريكا قادرا على تقييم الامور ووضع حلول قد تكون مناسبة لا ان تكون الحوارات واللقاءات للاعلام فقط.