نخبة برلمانية وسياسية تناقش مفهوم “سيادة القانون”
ايمانا بأهمية عقد الحوارات المعمقة حول وسائل تحقيق الدولة المدنية، كما وردت في الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك عبدالله الثاني التي تضمنت فكر متقدم ووسيلة إصلاح عميقة على مبدأ ‘سيادة القانون’ ،واجراء الحوارات التي تكفل الانتقال إلى مرحلة التنفيذ نظم مركز المحترفون الدولي للدراسات والابحاث جلسة حوارية شارك فيها نخبة من الشخصيات البرلمانية والسياسية والاعلامية.
وأكد المشاركون على ضرورة الاقرار بأهمية الوصول تحقيق ما تضمنته الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك والتي طرحها جلالته ضمن رؤيته الملكية السامية في تعزيز مفهوم سيادة القانون في الدولة.
وفي التفاصيل قال وزير الداخلية الاسبق النائب مازن القاضي ان مبدأ سيادة القانون الذي تحدث عنه جلالة الملك عبدالله الثاني في الورقة النقاشية السادسة يأتي في الوقت الذي نشعر فيه بوجود تعدي على القانون وتجاوز صريح من قبل بعض المسؤولين والمواطنين.
وأضاف القاضي ان الجميع معني اليوم في التقاط الرسالة الملكية مشيرا الى ي الوقت ذاته الى ان الاردن يمر بأصعب مراحله في ظل التطورات السياسية المتواصل بالمنطقة.
وتابع القاضي الذي سبق وان عمل مديرا للأمن العام ان الدولة الاردنية تم بناءها على أساس الدولة المدنية منذ عام ١٩٢١من القرن الماضي في ظل طبيعة العلاقة التي تم نسجها بين الهاشميين والعشائر الاردنية والتي كان لها دورا كبيرا في انتاج الدولة الاردنية ووصولها الى ما وصلت اليه في مراحل مختلفة من التقدم والازدهار.
وأضاف ان الاردن مر بمراحل متعددة من بينها استنساخ الدستور البلجيكي عام ١٩٥٢الا ان العوامل الداخلية والخارجية التي لم يكن له رغبة في ايجاد نموذج اردني متميز في المنطقة اجهض التجربة وذهبنا الى الاحكام العرفية التي كانت مرحلة ساد فيها القانون والتطور والازدهار الاردني الى عام ١٩٨٩وعودة الحياة الديمقراطية.
وقال القاضي في حديثه ‘من هنا بدأت مرحلة التراجع الاردني والعودة للوراء حيث أدت الخطابات الرنانة الى اضعاف الاردني واحداث انقسام في المجتمع بناء على مصالح متبادلة ما بين المجالس النيابية والحكومات المتعاقبة تحت عنوان عطايا الثقة، وهذا كان له دورا رئيسا في تراجع سيادة القانون بعد ان أصبح المجتمع منقسم بين من يحصل على الوظيفة او العطايا بدون وجه حق في حين يحرم مواطن آخر من حقه بسبب الواسطة والمحسوبية.
واضاف انه ونتيجة لهذا النوع من الفساد الاداري تم الاعتداء على سيادة القانون والدستوري ايضا ولم يعد هناك هيبة للدولة على مستوى المسؤولين أو المؤسسات وأصبحنا نشاهد مشاهد ينده لها الجبين من ضعف في تطبيق القانون وعدم الاحتكام اليه، مستذكرا بالوقت ذاته أنه موجود، ولكن المشكلة في غياب التطبيق وهدا نتاج لازمة متراكمة.
وتابع القاضي حديثه بالقول ‘نعاني اليوم من غياب الضمير والقيم والاخلاق وما كان يحكم المجتمع في السابق هو قانون ‘العيب والحياء’ حيث نفتقد لذلك القانون اليوم’.
واوضح القاضي ان غياب الضمير والاخلاق نتاج لسوء العلاقة ما بين المجالس النيابية والحكومات المتعاقبة مما ادى الى انقسام المجتمع بحيث تغيب العدالة والمساوة بين الناس، مؤكدا على ان الازمة تراكمية ولم يعد هناك هيبة للقانون الذي يشعر المواطن اليوم بانه معطل وغير نافذ مع انه موجود على ارض الواقع ولكن لاعتبارات معينة اصبح فاقدا للحضور وغير مؤثر في المجتمع وهو ما أشار اليه جلالة الملك في الورقة النقاشية السادسة.
واشار الى ان الاردن لديه قدرات وموارد ولكن لا يوجد قرار حقيقي وجاد لاستغلالها وتوجيهها بالاتجاه الصحيح، لكن الامر سهل ويحتاج الى ايجاد نهج الثواب والعقاب وتفعيله بحزم على ارض الواقع ، حتى تتحقق العدالة وتعود الهيبة للدولة بمؤسساتها.
وبين القاضي ان من اسباب تراجع سيادة القانون تراجع الخدمات التي تقدم للمواطن فالخدمات الصحية والتعليمية والنقل واي خدمة أخرى هي في تراجع .
وبين ان تشخيص الازمة واضح للجميع ولكن لدينا مشكلة فيمن يوجد العلاج والحلول ويقرع الجرس ويعالج كافة الاختلالات التي أوصلتنا الى ما وصلنا اليه اليوم.
واكد على ان الاردن يفتخر اليوم بموارده البشرية ولكن في الحقيقة أن من أنتج هذه الموارد وقدمها للوطن هي طبقة’ الحراثين والأميين’ حيث كانت حريصة على أن تقوم بدورها في مرحلة ما من عمر الدولة بإنتاج طاقات بشرية ترفد الوطن بهذه الطاقات، في حين أن هذه الطاقات عاجزة اليوم عن الاستمرارية في الانتاج لا بل غير قادرة على احداث حالة تطوير.
وختم حديثه بالتأكيد على ضرورة تفعيل أداء مجلس النواب وايجاد مجلس قوي وحكومة قوية لا يخاف أي منهما من الاخر حتى تعود سيادة القانون لتفرض نفسها في الدولة وتحفظه من المخاطر التي تهددنا.
بدوره قال النائب نبيل غيشان ان العودة للدولة المدنية هو الحل الوحيد والامثل لتحقيق سيادة القانون وهو لا يعني التعدي على الدين وانما فصل الدين عن السياسة والعكس تماما فمن غير المعقول ان يبقى رجال السياسة يلوثون الدين .
واوضح ان الدولة تمر بازمة حقيقة وتعاني من غياب الثقة المتبادلة بين الجميع ولا يوجد هناك وعي للمخاطر القادمة وهو ما انعكس سلبا على سيادة القانون في الدولة.
وبين ان الفرد اليوم يقود المجتمع وهذا يظهر من خلال الفوضى التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي، وفي ظل غياب تنفيذ القانون والعقوبات اصبحنا امام تجاوز وتعدي على القانون وعدم احترامه.
وشدد غيشان القادم من رحم الصحافة والاعلام ان الاردن لا ينقسه تشريعات وقوانين وانما يعاني من حكومات ضعيفة أمام الرأي العام بسبب عدم قيامها بتحقيق طموحات وتطلعات الشارع الاردني فكانت النتيجة فقدان هيبتها وهيبة القوانين والتشريعات.
العين والوزير السابق نادر الظهيرات اكد ان الاردن في ظل قيادة جلالة الملك تجاوز التحديات ولكن هناك مشكلة داخل الدولة ساهمت في احداث ازمة بالدولة وتجاوز على القانون والاعتداء عليه من قبل مواطن ومسؤول معا.
واضاف ان جلالة الملك في الورقة النقاشية السادسة اكد على ضرورة تطبيق القانون وهذا ياتي من خلال تحقيق العدالة والمساواة، واحترام القانون من قبل المسؤول الذي من الواجب ان يكون قدوة للمجتمع ولا يتعدى على سيادة القانون.
واكد على ان مدنية الدولة كفيلة للتحقيق مبدأ سيادة القانون وهو ما نتطلع اليه، مؤكدا على ان خدمة المواطن في مختلف مجالات حياته تجعل الناس متفهمين لما لهم وما عليهم.
وأضاف الظهيرات الذي انتخب لأكثر من مرة عضوا بمجلس النواب ان مشروع اللامركزية الذي أطلقه جلالة الملك ووجه الحكومة على تنفيذه وتطبيقه وانجاحه على أرض الواقع يأتي ضمن مفهوم سيادة القانون التي اكد عليها جلالته في الورقة النقاشية.
وتابع الظهيرات حديثه بالقول ‘نقل الصلاحيات في تنمية المجتمع المحلي من مركز القرار بالعاصمة الى المحافظات يعني ان الناس تحكم نفسها بنفسها تنمويا وتحدد احتياجاتها وأولوياتها وهذا ما تعطيه اللامركزية للمجالس المحلية في جميع محافظات المملكة ، وهو جزء أساسي من تعزيز سيادة القانون ‘.
وقال الظهيرات ان قانون اللامركزية جاء كقانون اصلاحي أوله جلالة الملك أهمية خاصة لترجمة الاهداف التي جاء من أجلها وهي اشراك المواطنين في صنع القرار وتوسيع مكتسبات التنمية على جميع محافظات المملكة وترتيب الاولويات وخدمة المناطق، وهو إعادة توزيع السلطة ونقلها من المركز الى المحافظات لتكون مجالس المحافظات والبلديات مجالس خدمات وتنمية حقيقية تتخذ قراراتها وترتيب أولوياتها حسب حاجاتها منسجمة مع رغبات وطموحات المواطنين مع الاستفادة من الثروات الطبيعية لكل محافظة لإنشاء مشاريع تنموية واستثمارية تساهم في التخفيف من آثار الفقر والبطالة التي يعاني منها سكان كل المناطق.
وأكد الظهيرات على ان قانون اللامركزية اذا احسنا تطبيقه على ارض الواقع فإننا سنتمكن من الوصول الى دولة مدنية تستند الى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية والتي ترتكز على المواطنة الفاعلة وتقبل التعددية والرأي الآخر وتحدد فيها الحقوق والواجبات دون تمييز بين المواطنين بسبب الدين أو اللون أو العرق، مشيرا الى ان حصول المواطن على الخدمات وتوفير الاستثمارات وفرص العمل سيسهم في احداث حالة من الاستقرار داخل المجتمع ويصبح كل مواطن حريص على حفظ القانون وسيادته وعدم التعدي عليه.
النائب فيصل الاعور أشار الى اننا نعاني من أزمة الولاء والانتماء الحقيقي فنحن ننادي بها كشعارات دون تطبيقها على ارض الواقع، مؤكدا على ضرورة تفعيل قانون العقوبات وتطبيق التشريعات في الدولة.
وبين الاعور ان هناك عوامل عديدة ساهمت في التجاوز على سيادة القانون من بينها انتاج مؤسسات وهيئات داخل مركز صنع القرار بالدولة مما ادى الى عدم شعور المواطن بالعدالة فضلا عن وجود فجوة بين مواطن وآخر خاصة العاملين بالقطاع العام وهو ما ساهم في انتشار ثقافة تجاوز القانون وسيادته.
وشدد على ضرورة نشر ثقافة العدل والمساواة في المجتمع وهذه الثقافة تحتاج الى عزم واصرار من الحكومة على تحقيقه وتطبيقها على أرض الواقع لإقناع الرأي العام وبالمفهوم الحقيقي لسيادة القانون.
وأكد الاعوار على ان جلالة الملك عبدالله الثاني دائما يقدم للحكومة والبرلمان والنخب السياسية الافكار الهامة والتي تعتبر خارطة طريقة نستند عليها جميعا ومنها الورقة النقاشية السادسة.
من جانبه أشار الدكتور أيمن البطوش مدير عام مستشفى الرويال الى أن التجاوز على سيادة القانون ينطلق من داخل البيت فهناك تجاوز داخل الاسرة يمتد الى المجتمع فينعكس على الدولة بكاملها، موضحا بانه لا يوجد لدينا انتماء حقيقي للوطن ومؤسساتها مما زعزع استقرارنا وأصبح هناك تعدي واضح من قبل المواطن والمسؤول على القانون وسيادته.
وأوضح البطوش أن الاعلام لعب دورا كبيرا في إحلال ثقافة الفساد والتعدي على القانون وإظهار الاردن بصورة سلبية أمام العالم من خلال التركيز على الاخبار الفردية والصاقها بالمجتمع الاردني.
من جانبه قال الصحفي وليد الهباهبة ان تحقيق ‘ سيادة القانون ‘ تحتاج بالضرورة الى تعزيز استقلالية القضاء من خلال مواصلة عملية التحديث والتطوير والارتقاء بأدائها وصولاً الى استقلال نهائي يواكب أفضل الممارسات العالميّة .
واشار الى ان الديموقراطية ستبقى ‘عرجاء’ ما لم تكتمل بالسيادة الكاملة للقانون التي تفرض فيها السلطة القضائية المستقلة رقابتها على مدى مطابقة القوانين لمعايير العدالة عند التطبيق ، وتحقيقها للمضامين الواردة في الدستور .
وتابع الهباهبة حديثه بالتأكيد ان الرقابة في الاردن تتعلق بالأداء اذ يتولى مجلس الامة هذه المسؤولية تجاه السلطة التنفيذية ، فيما لا تتولى السلطة القضائية رقابتها على القوانين ، والتأكد من ان هذه القوانين تسود على الجميع وانها تترجم ما ورد بالدستور على ارض الواقع .
وطالب بضرورة اجراء حوار وطني حول ايجاد شكل لرقابة ‘ سياسية ‘ على القوانين اثناء العملية التشريعية تضمن عدم انحراف القوانين عن الدستور من حيث الحقوق والحريات وتنظيم عمل السلطات المختلفة ، فضلا عن رقابة ‘ قانونية وداريه ‘ التي تتوجب ممارستها من قبل قضاء مستقل كفؤ وفاعل على مختلف التشريعات اثناء تطبيقها .
و بصدد الحد من المحسوبية و آثارها السلبية على المجتمع و إدارات الدولة اكد الصحفي عبدالله العظم على ضرورة سيادة القانون و التشريعات التي من شأنها تحقيق مبدأ العدالة وذلك من خلال إصدار قانونا يجرم استخدام الواسطة والمحسوبية ايمانا بأهمية عقد الحوارات المعمقة حول وسائل تحقيق الدولة المدنية، كما وردت في الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك عبدالله الثاني التي تضمنت فكر متقدم ووسيلة إصلاح عميقة على مبدأ ‘سيادة القانون’ ،واجراء الحوارات التي تكفل الانتقال إلى مرحلة التنفيذ .