بلال أبو الهدى
أصبح للحرب على قطاع غزة في هذا اليوم الثلاثاء 02/01/2024 ثمانية وثمانون يوما. وقد صرح وزير الطاقة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس وقال الخميس الموافق 28/12/2023: إن إسرائيل “لن تسمح بإعادة الكهرباء والماء إلى قطاع غزة، قبل إعادة الرهائن والمختطفين الذين تحتجزهم حركة حماس”، المصنفة إرهابية. ولكن الكهرباء عادت لقطاع غزة ليلة الإثنين على الثلاثاء الموافق 02/01/2023 فكيف؟!. هل إقتنعت قوات الإحتلال بالهزيمة وأنه لا جدوى من الإستمرار في الحرب وقطع الكهرباء والماء عن القطاع؟!. ولكن للأسف الشديد بدلا من تهدئة الأوضاع مع حركات المقاومة الفلسطينية قامت دولة ا ل ك ي ا ن بتنفيذ عملية إغتيال بطائرة مسيرة لنائب رئيس حركة حماس وقائد الحركة في الضفة الغربية صالح العاروري، بعد أن استهدفت طائرة مسيرة لمكاتب الحركة في الضاحية الجنوبية في بيروت. وُلِد صالح العاروري في 19/8/1966 في قرية عارورة الواقعة شمال غرب مدينة رام الله، ودرس الشريعة في جامعة الخليل، وسمي العاروري نسبةً إلى قريته. والتحق “صالح محمد سليمان خصيب” بعمر مبكر بجماعة الاخوان المسلمين، ثم انضم حينما كان في بدايات العشرينيات لكوادر حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد أشهر من انطلاقها عام 1987، وشارك في تأسيس جناح القسام العسكري في الضفة الغربية بين عامي 1991-1992. لقد رافق عصمت منصور صالح العاروري الذي أمضى عشرين عاما في السجون الإسرائيلية منذ عام 1994، ووصفه بأنه “شخص ذكي، هادئ، لا يتحدث كثيرا، كان يفكر بطريقة استراتيجية ومنظمة، ويتمتع بحس أمني مرتفع”. وقد أمضى العاروري معظم سنوات سجنه الطويلة ضمن الاعتقالات الإدارية ودون محاكمة لأن “التهم لم تكن تثبت عليه”. وقد أفرج عن العاروري بعد أكثر من عقد على اعتقاله في عام 2007، لكن إسرائيل أعادت اعتقاله حتى أفرج عنه عام 2010. وفي هذا السياق يقول منصور : إن العاروري أدى من داخل السجن دورا محوريا وهاما في قيادة صفقة مفاوضات تبادل الأسير جلعاد شاليط، التي أفرج بموجبها عن 1027 معتقلا فلسطينيا من بينهم رئيس حركة حماس الحالي في غزة، يحيى السنوار. اجتمع العاروري والسنوار بقيادات حماس في سجن النقب وحسموا تفاصيل الصفقة النهائية إذ كان فيها عقبات أمام قيادات الحركة في الخارج ثم أفرج عنه قبل إتمام الصفقة بشهور ربما لإعطائه مجالا في إتمام ترتيبات صفقة التبادل.
وبعد ذلك، قضت المحكمة العليا الاسرائيلية بإبعاد العاروري عن الأراضي الفلسطينية، حيث انتقل إلى سوريا التي خرج منها بعد تطورات الحرب السورية منتقلا إلى تركيا وقطر وصولا إلى الضاحية الجنوبية في لبنان معقل حزب الله الأبرز في بيروت. وانتخب صالح العاروري عام 2010 عضوا في المكتب السياسي لحماس، ثم انتخب نائبا لرئيس الحركة عام 2017، وهو ما نُظر إليه حينها على أنه تأكيد من حماس على خطها القتالي ضد إسرائيل، وذلك باختيار شخصية تقود العمل العسكري في الضفة، ومقربة من إيران، في ثاني أرفع منصب في الحركة. وبعد أيام قليلة من انتخابه، زار العاروري طهران، والتقى علناً بعد فترة وجيزة بزعيم حزب الله، حسن نصر الله، وفقاً لتقارير إخبارية فلسطينية في ذلك الوقت. كما انتخب العاروري رئيسا لحركة حماس في الضفة عام 2021. وفي أكتوبر الماضي، بعد الهجوم الذي قادته حماس وأدى إلى مقتل أكثر من 1200 شخص في إسرائيل، ظهر العاروري وهو يجتمع مع نصر الله، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية زياد النخالة. وناقش الثلاثة آليات “تحقيق النصر الشامل ووقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية”، حسبما نقلت قناة المنار، التابعة لحزب الله. ولطالما كان صالح العاروري على رأس المطلوبين لإسرائيل، إذ يوصف بـ “مهندس” الهجمات في الضفة الغربية المحتلة ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، وإطلاق الصواريخ من غزة ولبنان، كما أن الإعلام الإسرائيلي وصفه بـ كابوس إسرائيل وعرّاب العلاقات مع إيران وحزب الله، وهو مدرج على قائمة الإرهابيين الدوليين الأمريكية.
ويذكر أن القوات الإسرائيلية هدمت منزل العاروري الواقع في بلدته العارورة بالضفة الغربية نهاية أكتوبر الماضي، كما اعتقلت عشرين شخصاً بينهم شقيقه وأبناء شقيقه. إن قيادات دولة ا ل ك ي ا ن لديها قناعة تامة منذ اغتيالها أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي بأن ضرب القيادات يؤدي لتفكيك هياكل المجموعات المسلحة. كما أن هذه العملية تُعبر عن رسالة لحزب الله في الضاحية الجنوبية، إذ تُذكّر حزب الله بعمليات مشابهة كاغتيال رضى موسوي قبل أيام في دمشق وقبلها عماد مغنية، أيضا في دمشق وهذا يأتي في سياق استهداف قيادات حماس ضمن حواضنها الخارجية، ما يعني التعامل مع غزة كملف خارجي. ولا ندري كيف سيكون رد حزب الله أو حركة حماس على عملية الإغتيال.