إياد الوقفي
يشكل الأردنيون بمكوناتهم كافة جدارية صلبة وتطابق وتوافق في الرؤية، في ضرورة مكافحة الإرهاب والارهابيين، ويرسمون مع أجهزتهم الأمنية لوحة وطنية عنوانها حفظ أمن واستقرار الوطن، والوقوف بحزم أمام أي غطرسة أو محاولة استقواء بالخارج من أي جماعة أو حزب لمحاولة ليّ ذراع الدولة أو اضعافها، في سبيل تنفيذ اجندات ضيقة وتفصيل مقاسات بما يتماشى وأهدافها المريبة والمشكوك فيها.
ما تعرض له الأردن في الأمس القريب من محاولة تسعى إلى تقويض أمنه واستقراره ليست المرة الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، في خضم أطماع دول وفرق تستهدف نشر الفوضى والإساءة لدور الأردن واضعافه لانشغال البلاد بأوضاعها الداخلية، وجعل الأردن ساحة تتقاذفها قوى سياسية بدعم خارجي لحرف بوصلتها عن دعم ونصرة القضايا العربية.
استقرار الأردن يقض مضاجع دول وأحزاب جماعات، ولا يخفى على أي منصف أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية والجيش العربي من جهود في سبيل حماية حدود وأمن الوطن في الداخل من المتصيدين الذين يسعون إلى أضعاف جبهتنا الداخلية، غفلوا عن أن في البلد شعب واع ذو أنفة ونخوة، يدافع عن وطنه بالنواجذ ويترفع عن كل ما من شأنه الإساءة للوطن تحت ذرائع لا تنطلي على أحد.
الأردن في المقام الأول دولة قانون ومؤسسات، أساساته قوية ضاربة جذوره في الأرض، يتعذر اقتلاعها كما يتوهم البعض، مزيّن بعسكر التاج من جيش وأجهزة أمنية يعملون بحرفية عالية، وربما لو كشفت هذه المؤسسات عن حجم ما تم احباطه من عمليات إرهابية استهدفت البلاد، لرفع المعارض قبل الموالي القبعات للدور الريادي الكبير الذي تضطلع به المؤسستين الأمنية والعسكرية.
وفي العودة إلى الخلايا الإرهابية الأربع التي ضبطت عملياتها في وقت سابق وأعلن عنها، ما زال نفر يشكك في الرواية الأمنية برغم اعترافات المخربين صوتا وصورة، سعيا منهم إلى زرع بذور الفتنة والتشكيك بمؤسسات الدولة الأردنية ومهنيتها العالية، في محاولة لخلق حالة اضطراب مجتمعي يكون عنوانها الفوضى والتنمر، وبث الرعب في نفوس المواطنين، وربما حالة التسامح التي تحلت بها الدولة في وقت سابق واحتواء ومساندة تيار بعينه دون تيارات سياسية منافسة، وصلتها الرسالة خطأ وأعطت لنفسها الحق في محاولة التلاعب في الوطن ومقدراته، ضمن مفهوم خاطى يتمثل بإقامة دولة ظل وانفصال عن الدولة الأم.
حالة الوعي السياسي الشعبي تفوقت على الأحزاب، وباتت ثقافة ونهجا متأصلين لدى الأردنيين كافة لا يمكن تجاهلها، وبات من غير المنطقي انجرار المجتمع وراء حملات التحشيد السياسي المغلف بإطار ايديولوجي في محاولة لخديعة الشارع واللعب على وتر العواطف، وسط مفارقة تجلت بصمت الأحزاب الأردنية حديثة العهد التي لا أثر لها يذكر على الساحة المحلية.