سميح المعايطة
مرة بعد اخرى يتعمد البعض من أبناء جلدتنا ان يغمضوا عيونهم عما يفعل الاحتلال الصهيوني في مواسم العدوان بين حين وآخر وتسليط سهامهم نحو الأردن، وكأن الأردن هو من يقصف غزة او يقتحم المسجد الأقصى ويمارس العدوان.
أسلوب يتكرر عن اصرار واحتراف من البعض ليس حرصا على فلسطين ولا دموعا على الشهداء بل حقدا على الأردن واهله، وهو موسم يتكرر وفرصة لهؤلاء في وضع الأردن وقيادته وشعبه في دائرة الاتهام، بل ربما البعض يتمنى ان يطول اي موسم عدوان صهيوني حتى تكون الفرصة اكبر لشتم الأردن واتهامه.
لن اتحدث عن تاريخ هذا البلد وشعبه وجيشه في مواجهة الاحتلال منذ ان كان فهذه حقائق يعلمها كل منصف، لكن الواقع يقول إن الأردن قد يكون الدولة الوحيدة التي ما تزال تضع فلسطين والقدس على رأس أولوياتها، لكن الأردن لا يصنع وهما لأحد ولا يكذب ولا يدعي ما لا يفعل، وليس من الأطراف في معادلة فلسطين التي تحب لعبة الالعاب النارية وبطولات الرسائل بكل أشكالها.
الأردن يفعل كل ما يستطيع، ودولة تفعل الكثير سياسيا ودبلوماسيا لمواجهة الاحتلال وسياساته العدوانية، والأردن دولة تؤمن بالحل السياسي، وليست اول ولا آخر دولة تؤمن بهذا فحتى منظمة التحرير ممثلة الشعب الفلسطيني كما ارادت المنظمة والعرب عام 1974.
الأردن يقول انه يفعل ما يستطيع في كل عدوان صهيوني ضمن قدراته السياسية والدبلوماسية، والأردن لم يوقف زحف جيوش الامة لتحرير فلسطين بما فيها من يتحدثون عن المقاومة ويمارسونها على شكل رسائل سياسية او العاب نارية او تحت ضغط عدوان صهيوني مباشر.
الغريب أن من يتهمون الأردن ويستهدفونه لا يتحدثون عن الآخرين سواء اصحاب البطولات الوهمية او حتى من هم من اهل القضية الفلسطينية الذين لم يتوقفوا عن علاقات فوق وتحت الطاولة مع المحتل، ولا حتى الدول الغارقة في علاقات قوية واستراتيجية مع اسرائيل لكن من يستهدفون الأردن يعتبرون تنديد هذه الدول بطولات ونصرة للأقصى بينما الموقف الأردني المدافع عن فلسطين بقوة وصدق وبما يملك الأردن من جهد تخاذل واوصاف اخرى.
جزء من الذين يستهدفون الأردن ممن قاتلوا لتكون المنظمة ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني، لكنهم اليوم يغمضون عيونهم عن كل الآخرين بمن فيهم أصحاب النضال عبر الإنترنت ويصوبون سهامهم نحو الأردن والأردنيين .
القصة أصبحت معلومة ومتكررة، مع بلد صادق مع الجميع في مواقفه دون ادعاء الممانعة والمقاومة او غيرها من المسميات دون فعل أي شيء حتى الفعل السياسي، والامر ليس قلوبا تتفطر على فلسطين بل عداء لهذا البلد ومحاولة وضعه في خانة الاتهام وكأن الآخرين بمن فيهم من يصوبون حقدهم على الأردن شهداء يوزعون اتهامات وليس امورا اخرى.
وحتى قضية المعاهدة مع إسرائيل والتي يختلف على قبولها الأردنيون فهي من أدوات الدولة وليست سبب البلاء على فلسطين ومن حق الدولة الأردنية ان تحافظ على مصالحها ومعادلاتها مع العالم وان تستعمل المعاهدة وغيرها لمواجهة الاحتلال، علما بأن الأردن ليس وحده من لديه معاهدة وهناك معاهدة بين الفلسطينيين واسرائيل، وتفاهم امني بين غزة وإسرائيل، ومعاهدات بين دول عربية وإسلامية مع إسرائيل بما فيها اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وموافقة حزب الله وايران مع إسرائيل.
هي القلوب المليانة على هذا البلد الذي لم يصنع وهما وانما يعمل ما يستطيع لنصرة فلسطين والقدس وبصدق بعيدا عن الالعاب النارية بكل أنواعها، ولعل واجب الدولة وكل المؤمنين بها التعامل بقوة وثقة في مواجهة هذا الجحود والإساءة والاستهداف.