عماد أبو دواس
في مقالنا السابق (المناهج المدرسية الطريق الأول لتعزيز ثقافة الفكر التعاوني)، أبنا أهمية هذه الطريق التي دعا لسلكها عطوفة مدير عام المؤسسة التعاونية الاردنية الاستاد عبد الفتاح الشلبي وصولا للطريق الثاني (التعليم الجامعي).
من الآكد أن الفكر التعاوني ليس مجرد فكرة نظرية؛ بل هو منهج حياة يعتمد على العمل الجماعي، والتشارك في الموارد، والتعاون لتحقيق أهداف مشتركة, وهنا يأتي دور التعليم الجامعي في نشر هذا الفكر بين الطلاب.
اذ يعتبر التعليم الجامعي من أهم المراحل التي يمر بها الفرد في مسيرته الأكاديمية والمهنية, فهو لا يقتصر على تزويد الطلاب بالمعرفة والمهارات اللازمة للانخراط في سوق العمل فحسب، بل يلعب دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الفكري والاجتماعي للفرد، وذلك من خلال البرامج الأكاديمية والأنشطة اللامنهجية التي تركز على أهمية التعاون والتكافل الاجتماعي
ومن المفيد ان تتضمن هذه البرامج تعليم الطلاب أسس ومبادئ التعاونيات، ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يمكن أن تقدم تجارب حقيقية للطلاب من خلال إنشاء تعاونيات طلابية، يتم من خلالها تطبيق ما يتعلمونه في قاعات الدراسة على أرض الواقع, هذا يساهم في تعزيز روح المبادرة والتعاون بين الطلاب، ويخلق لديهم فهمًا أعمق لأهمية العمل الجماعي والتضامني
إضافة إلى دوره في نشر الفكر التعاوني، يمكن للتعليم الجامعي أن يكون محركًا للتغيير الاجتماعي من خلال تعزيز الثقافة التعاونية، فالتعليم الجامعي يمكن أن يساهم في إعداد جيل من القادة والمبدعين القادرين على تحمل المسؤولية الاجتماعية والمساهمة في بناء مجتمع أكثر عدالة وتعاونًا، وعبر تقديم برامج تعليمية تهتم بالمسؤولية الاجتماعية، والعدالة الاقتصادية، والعمل الجماعي، يمكن للجامعات أن تزرع في نفوس الطلاب قيمًا تعاونية تعزز من قدرتهم على المشاركة في العمل التعاوني والمجتمعي بعد التخرج, وهذا بدوره يعزز من دور التعاونيات كأدوات لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة
لكن وبالرغم من أهمية التعليم الجامعي في نشر الفكر التعاوني، إلا أنه يواجه محليا تحديات كبيرة, من أبرزها نقص الوعي بأهمية التعاونيات والدور الذي تلعبه في المجتمع.
لذلك، يجب ان يسبقه الاستجابة للدعوة التي أطلقها مدير عام المؤسسة التعاونية الاردنية واستحداث فرع للتعليم التعاوني في مراحل الدراسة الثانوية يشكل لبنة واساس للجامعات في تعزيز هذا الدور من خلال استحداث التخصصات والبرامج الاكاديمية المناسبة لذلك.
في الحقيقة هناك فرص كبيرة للاستفادة من التعليم الجامعي كوسيلة لنشر الفكر التعاوني.
فمع التزايد المستمر في عدد الجامعات والمؤسسات التعليمية، يمكن لهذه المؤسسات أن تكون منابر لنشر الفكر التعاوني وتعزيز قيمه بين الطلاب، مما يساهم في خلق مجتمع أكثر تعاونًا وتضامنًا.
في الختام، يمكن القول إن التعليم الجامعي يشكل الطريق الثاني لتعزيز ثقافة الفكر التعاوني في المجتمع. من خلال البرامج التعليمية والأنشطة التعاونية، يمكن للجامعات أن تسهم بشكل كبير في إعداد جيل جديد من القادة والمبدعين القادرين على تعزيز التعاون والعمل الجماعي في جميع مجالات الحياة.
ومع تزايد التحديات التي يواجهها العالم اليوم، يصبح تعزيز الفكر التعاوني من خلال التعليم الجامعي أمرًا أكثر أهمية من أي وقت مضى.