فارس الحباشنة
خمسة اعوام تفصل بين عدوانيين اسرائيليين على غزة ، وخلالهما تغيير الكثير في هذا الاقليم ، و لكن بقى الثابت الراسخ موقف البيت الابيض سواء سكنه جمهوريون او ديمقراطيون . اسرائيل لا تغيير في المروية الامريكية ، ومن حقها ان تدافع عن نفسها ، و لذا فان المشهد الاسرائيلي يبدو مثيرا عندما تعلن عن الطواريء في تل ابيب ، و تستدعي الاحتياطي من الجيش الاسرائيلي ، و تفتح ابواب الملاجيء ، و صفير الانذارات لا ينقطع في تل ابيب و يافا و عكا
و اللد .
اجواء لحرب كونية ، و كأن اسرائيل تواجه دولة ماججة بالاسلحة و الجيش . اسرائيل في حروبها تبالغ في الاستعراضات و حالة الطواريء ، ولربما هذه
الصور لها دلالة في الاحساس بالرعب و الخوف . في العقلية الاسرائيلية ثمة سيكولوجيا مؤمنة بالنصر النهائي و الحتمي لاسرائيل ، ويسيرون جحافل جيوشهم في حروبهم ومعاركهم و عدوانهم على ايقاعات هذه الاوهام الاسطورية ، قوة عظمى و جيش لا يقهر ، و نصر حتمي و ابدي .
ثنائية «العدوان و الصد « جدلية لا تتوقف في صلب العقيدة الحربية الاسرائيلية . و مع التطور التكنولوجي ، فقد اصابها الكثير و الكثير ، فاسرائيل تملك اكبر و اوسع نظام دفاع جوي « القبة الحديدية « الذي اخترقته صواريخ المقاومة ، وتبين كم هو ضعيف ورديء و غير فعال ، وكما ان اسرائيل مسيجة في جدران من الاسمنت في الضفة الغربية المحتلة ، و حيطان واسياج العزل الكهربائي و الالكتروني من شمالها الى جنوبها ، و حدود غور الاردن .
فكرة العزلة و التقوقع الاسرائيلي شكلها بدائي ، ولكنها تسخر اليوم كل انواع التكنولوجيا و الاسلحة الحديثة و التقدم العلمي لتطبيقها في عزل اسرائيل و حمايتها مع الجوار القريب و البعيد من مصر و غزة جنوبا الى الحدود الشمالية مع لبنان ، والجدار الاخير سيكون مع الاردن وجزء منه جار تشييده .. اسرائيل ترفض السلام و الاندماج و التعايش السلمي مع الاخر .
الحرب السابقة على غزة 2016 تزامنت مع ظروف اقليمية ودولية مغايرة تماما لما هوالوضع الراهن . وخصوصا ان الاقليم يضج بتسويات سياسية جديدة ، و انفراج في العلاقات بين الفرقاء و الخصوم ، واستدارة نحو ايران و سورية و العكس ، و كما تشهد عدد من العواصم العربية ظروفا اقتصادية و سياسية غير مسبوقة ، و تنذر بانهيار و افلاس سياسي و اقتصادي ، وذلك بفعل كورونا و غيرها .
من حوالي 15 عام ، و غزة تعاني من حصار و عزلة و تجويع و توتير يتجاوز التاقلم و القدرة على التحمل . و طبعا ، هذا ما تحاول اسرائيل ان تستثمره في حالة الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس ، و كسر طوق النجاة في الالتئام الوطني ، وكما يبدو فان المشهد يتكرر مرارا بشكل عصي على التفسير و الترجمة الواقعية ، تصقف غزة و يموت الغزيين ، و سلطة رام الله تلوذ بالصمت و انتظار الهدنة و التدخل الدولي . والموقف البليد و الجامد في رام الله ، من ثوابت حروب غزة .
الجديد في حرب غزة ، ارادة المقاومة و ثقافة المقاومة الشعبية ، والصمود الفلسطيني ، وبشرى ولادة جيل خامس من المناضلين و المقاومين الفلسطينيين ، و كما ان صواريخ المقاومة فكت عذرية « تل ابيب» ، و خدشت بكارة مدن الساحل الفلسطيني المحتلة ، و فرضت على الارض معادلة جديدة للمواجهة و الاشتباك الميداني العسكري .
وقالت صواريخ المقاومة ان فلسطين قضية لن تموت و ان فلسطين ولادة لصبية و فتية مؤمنون ، و يعيشون من اجل قضيتهم ، و قد رضوعها من صدور امهاتهم ، و بدافع الايمان نزلوا الى الشوارع لمقاومة الاحتلال ، والدفاع عن وطنه وترابه و تاريخه .