سميح المعايطة
تجربة الأردنيين مع الحظر الشامل الطويل كانت الأولى في اذار الماضي وكنا نحمد الله انه حظر لأسباب طبية وليس لأسباب اخرى. وكان الناس يتعاملون معه بصبر لانهم يرونه جزءا من تجربة اردنية ناجحة لاحتواء كورونا.
لكن ذلك الحظر حمل معاناة اقتصادية كبيرة على كل الناس حتى الذين لم تتأثر رواتبهم بالحظر، لكنه قاسيا على قطاعات واسعة اقتصاديا ومعيشيا، وحاولت الحكومة التعويض وكان الاعتقاد انه حظر سيموت بعده الفيروس ونخرج من الازمة.
وصاحب الحظر معاناة أخرى تتمثل في الوقوف طويلا في طوابير الخبز والخضار وكل شيء، وحتى باكيت الدخان كان يحتاج الى ساعات للحصول عليه.
وانتهى الحظر وعدنا للحياة الطبيعية لكن الوباء عاد واكتشفنا جميعا ان كل الثمن الذي دفعه الناس والدولة ومعه التميز الأردني قد تم هدره لأسباب من اهمها ضعف التزام جهات رسمية بالتعليمات.
عاد الوباء شرسا وانتقلنا من خانة الاحاد الى خانة الالاف كل يوم، وكانت تجربة حظر اليومين الى ان جاءت الحكومة الحالية، فأعلنت انها وفقا لدراسة من جامعة اكسفورد قررت ان يكون الحظر يوما واحدا اسبوعيا الى نهاية العام، وظهرت الحكومة منظمة في التخطيط مع ان الارقام كانت مرتفعة جدا يوميا.
ثم جاءت قصة حظر الانتخابات الذي كان من مساء الاربعاء حتى صباح السبت .وقبل يومين خرج وزير بتصريح بان الحظر من يوم الخميس ووزير اخر اعلن انه من مساء الاربعاء ..لكن الحكومة عادت لتغير الموعد ليكون من مساء الثلاثاء .
الحظر لمن اكتوا بنار اثاره الاقتصادية والمعيشية نوع من العذاب والعقوبة ، وحتى من يرون فيه نوعا من حصار الوباء فانهم يدركون انه ثمن باهظ ، لكن المشكلة الاخرى ان الحكومة رسمت لنفسها صورة سلبية في التردد وتغيير المواعيد واصبح الناس لايثقون لما يقال بل ويفترضون ان الحكومة ستفاجئهم بحظر طويل يوما ما او ربما تقوم بتمديد الحظر القادم .
الحكومة التزمت ان الحظر سيكون يوما في الاسبوع ثم عادت وغيرت موعد حظر الانتخابات ، وربما يعاقب المواطنون الحكومة على هذا التبديل بعدم الذهاب للانتخاب ،كما ان المتضررين منه معيشيا واقتصاديا يشعرون بالضيق ويخافون من مفاجات قادمة سيئة ، ولم يعودوا يثقون بما يتم اعلانه بل يتوقعون التغيير كما حدث ويحدث الان .
مهم جدا ان تحافظ الحكومة على مصداقية ما تعلنه للناس .فما حدث ترك اثرا سيئا جدا ، وما كان من التزام وقبول في الحظر في اذار ونيسان كان لقناعة انها وسيلة للقضاء على الوباء اما اليوم وبعد ما كان من اهدار لكل ما كان فالحظر في نظر الاغلبية بابا للضرر حتى وان خفض اعداد الاصابات .