د.حسام العتوم
انجاز : عندما نراقب الحرب ( الروسية – الأوكرانية – ومع ( الناتو ) بالوكالة ، ونبحث عن الحقيقة وما وراءها وبموضوعية ومن دون الحاجة للإنحياز ذات اليمين وذات الشمال للروس أو (لكييف) أو للغرب بقيادة أمريكا، سنجد بأن الغرب أي مظلة حلف ( الناتو ) غير محق في مسعاه ، خاصة ونحن نعرف بأنه المتحرش بالحدود الروسية البرية والمائية ، وعبر محطات جيوسياسية سبقت الحرب الأوكرانية التي يطلق عليها الروس مصطلح ( العملية العسكرية الخاصة )، أي ليست حربهم، ولا تستهدف أوكرانيا ولا الأوكرانيين، وإنما التطرف البنديري والأزوفي و تطرف الغرب الأمريكي وهي كذلك، فكان لحلف (الناتو) مناورات اقتراب عبر جورجيا والحدود اليابانية والبحر الأسود بقرب (القرم) والأوكرانية ، وكلها أفشلتها روسيا بما تملك من حدس رقابي ولوجستي دقيق، وكلما ظهر رئيس سوفيتي سابق موالٍ لأمريكا مثل (غورباتشوف ، و سااكاشفيله ، و باراشينكا ، و زيلينسكي) ، ظهر غيرهم ، وكانت دائما تبحث أمريكا عن طعم لسنارة حربها الباردة و لسباق التسلح منذ أن خسرت الرهان نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 بتوقعها هزيمة السوفييت والألمان ، بينما كان النصر الساحق وبمشاركة أمريكا وبريطانيا حليفي السوفييت انذاك على النازية الألمانية ودحرها الى عمق برلين، ورفع راية السوفييت حينها فوق الرايخ الألماني “البرلمان”، ورغم أن عمليتها العسكرية الجديدة التي انطلقت قبل عام وأكثر، وبقرار جماعي لقادة قصر ” الكرملين ” الرئاسي في موسكو بقياد الرئيس فلاديمير بوتين ، بصفة استباقية ، تحريرية ، دفاعية ، غير احتلالية بهدف تحرير ” الدونباس ” بعد تحرير ” القرم ” عام 2014 وحماية الأسطول النووي الروسي العمل الراسي في مياه البحر الأسود ، أي بتاريخ 24 شباط 2022 ، فأن موسكو غير راغبة بالوصول الى “برلين” مرة أخرى ، وهو الأمر الذي أفصح عنه الرئيس بوتين نفسه مؤخرا، وتفسيرات أوكرانية متطرفة خاطئة ساهمت في اشعال فتيلة الحرب مبكرا مثل اعتبار مجاعة ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي بأنها وجهت لأوكرانيا وشعبها، وبأن الحرب العالمية الثانية بدأها السوفييت، وهو الذي تم دحضه من قبل السوفييت أنفسهم، وكتاب البروفيسور فيجيسلاف نيكانوف “من بدأ الحرب” يؤكد ذلك.
وعندما يجتمع الغرب على مواجهة روسيا الاتحادية بحثا عن سيادة أوكرانيا ودفاعا عنها ، ويجمع حوله 50 دولة عالمية منها ” اليابان ” ، و ” استراليا ” ، وغيرهم ، ويستنزف نفسه أولا بصرف 150 مليار دولار، ويتم استقبال الدبابة الروسية المحترقة والتي ارسلها نشطاء ” كييف ” الى برلين لتوضع مقابل السفارة الروسية هناك، وقوبلت بالورود من قبل الالمان لشكرهم للدور الروسي في تحرير المانيا من النازية ، توجب علينا التدقيق في الصورة وتمحيصها ، فمن بدأ الحرب الروسية – الأوكرانية – و مع ” الناتو ” -” كييف ” وليس موسكو ، وهذه حقيقة تاريخية لا غبار عليها ،وهي أي سلطة ” كييف ” المحسوبة على التيار العريض المتطرف ” البنديري و الأزوفي، و بالتعاون مع الغرب من نظمت انقلابا دمويا عام 2014 بجهد لوجستي سري مشترك، هدف لإجتثاث الحضور الروسي من الأراضي الأوكرانية ،و تسبب في خسرانها لإقليم ” القرم ” و عبر صناديق الاقتراع و الرقابة الدولية ، وهي من رفضت الحوار المباشر مع موسكو كرها لها ، ومن خلال جلسات ” النورماندي – مينسك ) ، وماطلت في عهد ( باراشينكا) ظنا منها بأن ” موسكو” سترفض دخولها للإتحاد الأوروبي ، بينما كانت عيون ” موسكو” محدقة في حراك حلف ” الناتو ” المعادي لها صوبها ، وهي أي روسيا القطب والدولة العظمى فوق النووية وتحتل في مجاله الرقم ” 1″ عالميا ولاتخشى امتلاك الغرب ” أمريكا ، و بريطانيا ، و فرنسا ” لسلاح فوق نووي أيضا ، وكل صاروخ نووي غربي يقابله مائة صاروخ مماثل روسي وهي حقيقة لا تقبل المبالغة وأكدها الرئيس والغرب الحزين كما يبدو للوهلة الأولى على سيادة أوكرانيا ، و هو المشاغب ذات الوقت ، يركز انتباهه على غرب أوكرانيا و العاصمة ” كييف ” رغم عدم استهداف موسكو لها ، لكنها في فترة الاعتداء على جسر القرم ، و على خط الغاز ” نورد ستريم 2 ” وجهت روسيا ( لكييف ) ضربات صاروخية عقابية تأديبية شملت المدن المجاورة ، لكي توصل لسلطة ” كييف ” بأن ثمة فرق بين شجاعة الحرب ودناءة التخريب و الاغتيال كما حدث مع الصحفية الروسية ” داريا غودينا ” أيضا ، وهي أعمال مؤسفة ، و تجريم روسيا من دون قراءة التاريخ الروسي – الأوكراني المشترك و لصالح لروسيا منذ القرن السابع عشر ، و عهدي فلاديمير لينين ، و نيكيتا خرتشوف ، أمر يصب في الفوبيا الروسية ، و الرهاب الروسي غير المبرر .
ولم يشهد تاريخ روسيا العميق و المعاصر ممارسة روسيا للإحتلال، فسيطرتها على جزر ” الكوريل ” نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 في العهد السوفيتي جاء بعد مهاجمة اليابان للأتحاد السوفيتي، ومعاقبتها لجورجيا عام 2008 جاء بعد تطاول نظام (سااكاشفيله) على شمال أوسيتيا حيث يقطن الروس ، و دخول روسيا الى شرق و جنوب أوكرانيا جاء بعد تطاول نظام ” كييف ” على المواطنيين الأوكران الناطقين بالروسية ، و حملة جوازات السفر الروسية ، و على الروس أنفسهم هناك ، و التسبب في جريمة حرب قوامها 14 الف مواطن وطفل من أصل سبعة ملايين إنسان، ونشر مراكز بيولوجية أمريكية في الأراضي الأوكرانية تجاوزت ال (30) مركزا ،والشروع في انتاج قنبلة نووية ضاغطة على سيادة روسيا ، وفي القفقاس حضرت روسيا لحماية خاصرتها من الاختراق الغربي المتطرف ، ومن الارهاب المأجور من الخارج.
والى سوريا ذهبت روسيا بدعوة من نظام ” دمشق ” لإنقاذه من الارهاب الغازي له و لسوريا من (80) دولة في زمن اختلاف المعارضة السورية فيما بينها و مع ” دمشق” ، و حققت نجاحا كبيرا في تفكيك الترسانة الكيميائية للجيش العربي السوري الخطيرة على المنطقة أنذاك ، وجرى ذلك بالتعاون مع أمريكا عبر ” جنيف ” ، و تسليمها لأمريكا من جديد في البحر الأبيض المتوسط .
ولقد رفض الغرب منذ البداية الأستماع لأصوات المظلومين الأوكران و الروس في الأقاليم الخمسة ” القرم ، و لوغانسك ، و دونيتسك ” الدونباس ” ، و زاباروجا ، و خيرسون ” ، وهم الرافضين علنا لنظام ” كييف ” المتطرف ، و المصنف نفسه بالأنحياز للغرب ، و الكاره لروسيا جارة التاريخ ، و للغرب المعادي لروسيا عبر حلف ” الناتو ” ، و الكلمة الفاصلة كانت لصناديق الأقتراع التي طالبت بالإنضمام لروسيا و ليس ( لكييف) و ليس للغرب أيضا ، و خيار الإستمرار بتزويد ” كييف ” بالسلاح الحديث و المال الملياري الوفير من قبل الغرب بالوكالة لم يجدِ نفعا ولم يتمكن من الدفع بكييف للجلوس مع موسكو من زاوية الند للند،ولن يتمكن ، وهي نظرية غرب أوكرانية و غرب أمريكية فاشلة ، ولم يتمكن السلاح الغربي ومالهم الوفير من دحر روسيا بعد عام من القتال الميداني سينتيمترا واحدا الى الخلف ، و روسيا لن تتراجع عن تحريرها للقرم و لا للدونباس عبر الحرب و لا عبر السلام ، والسلاح الغربي له سقف و حدود وكله خاضع لأن يقع تحت نيران الجيش الروسي الأرضي و الجوي و الصاروخي و البحري ، ومن القوات القتالية الميدانية الصلبة مثل ” الشيشانية و فاغنر ” ، و ” كييف ” هي الخاسرة ، و الغرب الأمريكي كذلك ، وهم من استبدلوا السلام بالحرب ، و لا مخرج للحرب الجارية من دون أن تنتهي الى سلام دائم وتنمية شاملة ركيزتها الأساسية القبول بسلام الأمر الواقع ، بمعنى التوقيع لروسيا على مشروع تحريرها ، و تحريك صناديق الاقتراع في ” كييف ” من المخارج القوية صوب السلام .