كمال زكارنة
سبعة أيام متتالية من الهدنة المؤقتة،التي خصصت لتبادل الاسرى بين المقاومة والاحتلال، وادخال بعض المساعدات الاغاثية لقطاع غزة عن طريق معبر رفح، لم تكن كافية للتوصل الى وقف كامل وشامل للحرب على غزة ،وتبادل جميع الاسرى والمعتقلين لدى الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ،وعجزت الوساطات والتدخلات السياسية والدبلوماسية في تحقيق اختراق يفضي إلى توقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.
استئناف الحرب على قطاع غزة بعد هدنة استمرت اسبوعا،يعني ان الهدن لا تعني ابدا انهاء الحرب ،بل هي استراحة محارب ،لاعادة استجماع القوى لمواصلة الحرب،رغم ما يتخلل الهدن من امور ايجابية على الصعيد الانساني والمدني .
تفاءل البعض بزيارة بلنكن للمنطقة بعد التغير في اللهجة الامريكية ،ومطالبة اسرائيل بتقلبل خسائر المدنيين الفلسطينيين،وكأن الادارة الامريكية تضع سقفا لعدد الضحايا المدنيين وعلى اسرائيل ان تحاول قدر المستطاع عدم تجاوز هذا السقف او العدد كثيرا .
وقد حاول بلنكن خداع المقاومة والشعب الفلسطيني والعرب،عندما حاول اظهار تغيرا في لهجته ازاء الحرب خلال مؤتمره الصحفي مع نتنياهو،لكن سرعان ما تكشفت نواياه عندما بدأت اسرائيل بالقصف الجوي والبري والبحري لقطاع غزة .
الثابت في زيارة بلنكن ،انه جاء ليقوم بمحاولة اخرى، لتمرير الخطة التي نشرناها سابقا،وهي ترحيل سكان قطاع غزة والحصول على موافقة اربع دول عربية معنية بهذا الترحيل لاستقبال سكان القطاع،لكن هذه الدول اصرت على رفضها الترحيل ورفض استقبال اي مهجرين فلسطينيين.
الادارة الامريكية لم تمل بعد فشل مهمة بلنكن هذه،وفسرت هذا الفشل ،بأنه لاسباب شخصية،تتعلق بالوزير بلنكن نفسه،عندما اعلن انه يزور اسرائيل بصفته يهودي وليس دبلوماسيا او وزيرا امريكيا ،وقررت ايفاد نائبة الرئيس الامريكي للمنطقة كامالا هاريس لمواصلة محاولات الاقناع الضاغط على الدول العربية الاربع، لاستقبال المرحلين الغزيين لحماية اسرائيل وضمان امنها وامن المستوطنين في غلاف غزة.
مع بداية الجولة الاولى في اليوم الاول من الفصل الثاني للحرب على غزة،حقق العمل الاستخباري الاسرائيلي فشلا جديدا ،اذ لم تنجد التحقيقات المكثفة مع الاسرى الاسرائيليين الذين تمت مبادلتهم بأسرى فلسطينيين والمعلومات التي ادلوا بها،الاجهزة الامنية الاسرائيلية في الوصول الى اماكن الاسرى ومعاقل المقاومة في قطاع غزة،وتصدع الهجوم الاسرائيلي وتاه الجيش وفشلت الخطط العسكرية والاهداف لم تعد واضحة ولا ثابتة .
على عكس المقاومة التي اعادت ترتيب اوراقها وخططها بنجاح منقطع النظير،حيث امطرت مدن الداخل المحتلة وخاصة تل ابيب باعداد كبيرة جدا من الصواريخ ذات القدرة التدميرية الاقوى ،والاكثر دقة في الاصابة،واعداد الكمائن وفق خطة محكمة ومختلفة عن الفصل الاول من الحرب،اوقعت خسائر فادحة في صفوف جيش الاحتلال،كما ادخلت المقاومة سلاح الطائرات المسيرة التي عملت بكفاءة عالية هذه المرة، وكبدت العدو خسائر جسيمة في الارواح والمعدات ،وهذه العوامل الثلاثة اربكت جيش الاحتلال واوقعته في ورطة صعبة،وجعلته صيدا سهلا للمقاومين الفلسطينيين في ارض المعركة،ونتج عن ذلك تشدد المقاومة في مواقفها من الهدن، وارتفع سقف مطالبها الى التبادل الشامل للاسرى والمعتقلين، بمعنى تبييض السجون والمعتقلات الاسرائيلية من الاسرى الفلسطينيين.
الجهد الدبلوماسي والسياسي للوسطاء، يجب ان يتركز على وقف الحرب بالكامل،ورفض التهجير والترحيل بالمطلق ،وكذلك رفض اقامة مناطق عازلة في قطاع غزة او بناء مستوطنات جديدة في اراضي القطاع،والاخذ بعين الاعتبار ان الادارة الامريكية ما تزال تتبنى الرواية الاسرائيلية بالكامل دون نقاش او تحفظ .