د.عبدالله القضاة
بقلم : د.عبدالله محمد القضاه*
أرادت الحكومة إيجاد أداة تستخدمها لمعرفة كيف يسير العمل في دوائرها ومؤسساتها المختلفة لتحقيق الرؤية الخاصة بها من خلال مؤشرات أداء قابلة للقياس لتظهر مقدار التقدم المتحقق بالأهداف الإستراتيجية لكل دائرة ، فأنشأت لهذه الغاية ادارة تطوير الأداء المؤسسي في رئاسة الوزراء ، وتم نقل عدد من موظفي وزارة تطوير القطاع العام الملغاة للعمل بهذه الإدارة .
والتساؤل : هل هذه الإدارة بإهدافها المعلنة تخدم هذه الغاية ؟ وما هو الفرق بين ادارة الاداء المؤسسي والتطوير المؤسسي ؟ وماهو العلاج المقترح للتداخل المفاهيمي في عمليات التطوير؟ .
الفرضية التي اعتمدتها الحكومة في الغاء وزارة تطوير القطاع العام ، أنه لايجوز دستوريا لوزير أن يكون مسؤولا عن أداء وزير آخر ، بل هذه مسؤولية رئيس الوزراء ، هذه الفرضية صحيحة ؛لكن تطبيقها لم يكن موفقا من خلال استحداث ادارة التطوير المؤسسي في رئاسة الوزراء والسبب أن هذه الادارة الأصل أن تكون للأداء المؤسسي وليس للتطوير المؤسسي .
ادارة الأداء المؤسسي تعني العملية التي من خلالها يتم تطبيق طريقة محددة وعلمية محايدة لقياس الإنجاز الحكومي ، وهذه العملية تتضمن تطوير مؤشرات لقياس الأداء المؤسسي بالتعاون مع الجهات الحكومية وإعتمادها وفق خططها الإستراتيجية ، ويتم متابعة الإنجاز من هذه الإدارة ورفع تقاريردورية لرئيس الوزراء والتي يصار الى إتخاذ الاجراءات التصحيحية أولا بأول (تقييم وتقويم ).
أما التطوير المؤسسي فيتضمن تطوير(الممكنات) العمليات والهياكل والاوصاف الوظيفية والتشريعات الناظمة للإدارة العامة واقتراح السياسات ذات الصلة بتطوير الجهاز الحكومي ، ولايجوز أن تؤدى المهمتين من خلال مرجعية تنظيمية واحدة.
وبالرجوع الى مهام إدارة تطوير الأداء المؤسسي المستحدثة بالرئاسة نجد أنها خلطت وجمعت بين المفهومين وضمت ست وحدات فنية لتستوعب كافة موظفي وزارة تطوير القطاع العام الفنيين وكذلك موظفي وحدة الانجاز الحكومي التي كانت أصلا في رئاسة الوزراء بحيث فعليا أصبحت بحجم فني يفوق حجم وزارة التطوير السابقة ، مما يعني فعليا نقل الوزارة الى داخل الرئاسة تحت مسمى إدارة ، ناهيك عن إضافة وحدة لدعم القرار ضمن وحداتها الفنية ، وهذا لم ولن يخدم الرؤية الحكومية في التطوير .
كما أن الإدارة الحالية تقوم بمهام تنفيذية على عكس فلسفة انشاؤها أن تكون متخصصة برسم سياسات الأداء ؛ حيث مازالت تقوم بمهام بناء قدرات وتطويرمكاني لمراكز تقديم الخدمة وغيرها مما يضعف دورها في مجال اقتراح السياسات ويقوض دورها كأداة للمساءلة عن الإنجاز في يد رئيس الوزراء.
وفي ضوء إعادة تعيين وزير دولة لتطوير الأداء المؤسسي ، يصبح لزاما أن يعاد النظر بهيكلة الاداء والتطوير المؤسسي لتحقيق المغزى الذي سعت اليه الحكومة في إلغاء وزارة تطوير القطاع العام ، وهذا يتضمن أن يقتصر مهام ادارة الاداء المؤسسي في رئاسة الوزراء على عملية تطوير واعتماد مؤشرات الاداء لمؤسسات القطاع العام على ضوء خططها الإستراتيجية وبتشاركية تامة مع هذه الجهات ومن ثم متابعة وقياس انجازها ورفع دورية تقارير لرئيس الوزراء حول مستوى هذا الإنجاز، وهذه الادارة تحتاج لفريق متخصص لايتجاوزاضافة للوزير والمدير تسعة خبراء فقط ولهم الإستعانة بأي خبرات مؤسسية في إنجاز مهام محددة.
وبخصوص المهام الاخرى للتطوير المؤسسي والتي تتضمن الوحدات الحالية في الإدارة فيتم نقلها مع موظفيها لديوان الخدمة المدنية لتضاف الى هيكله التنظيمي اداره للتطوير المؤسسي تتولى كافة عمليات التطوير ، أما وحدة دعم القرار فهي أكبر من الأدارة نفسها ، ويمكن للدولة استحداث مركز وطني متخصص بدعم القرار، أو أن تكون جناح فني ضمن أمانة سر مجلس الوزراء بحيث يتطور عمل أمانة السر لبتعدى السكرتارية والتنسيق الى تقديم دعم فني لقرارات مجلس الوزراء.
• امين عام وزارة تطوير القطاع العام ومدير عام معهد الادارة العامة سابقا