د.حسام العتوم
النصر الروسي – جراء العملية الروسية الخاصة الاستباقية التحريرية المساندة لإقليمي ( الدونباس ولوغانسك ) شرق أوكرانيا والتي انطلقت بتاريخ 24 شباط 2022 ، قادم لا محالة، وهي بدعوة منهما، ووفقا لمعاهدة دفاع وتعاون واعتراف مشترك ،وبالارتكاز على المادة 51 7 من مواد الأمم المتحدة التي تساند الدفاع عن النفس في حالة الاعتداء الخارجي على دولة من أعضاء الأمم المتحدة مثل روسيا العظمى، وقرارها جماعي اتخذته القيادة الروسية مجتمعة وليس بقرار انفرادي (ديكتاتوري !) من قبل رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين كما يشاع في الغرب خاصة في أمريكا – بايدن التي وصفته ( بمجرم حرب ) للمساهمة في الدعاية المضادة التي تشترك فيها بريطانيا – جونسون عبر خطاب كراهية مشترك لروسيا، والهدف الروسي تحرير شرق أوكرانيا عام 2022 ، بعد تحرير شبه جزيرة ( القرم ) عام 2014 من سطوة غرب أوكرانيا ( كييف ) المتطرفة والمتعاونة مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الأهداف بعيدة المدى والمتعلقة بديمومة الحرب الباردة وسباق التسلح التي بدأت حيث انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، واستنزاف روسيا الناهضة نوويا لدرجة التميز، وما إنتاجها لصاروخ ” سارمات” الباليستي الجديد العابر للقارات إلا مثال جديد على تفوقها النوعي .
والنصر الروسي القريب القادم في منطقة الدونباس ،وتحديداً في مدينة ( ماريوبل ) ستحدد ملامحه العملية الروسية الخاصة الموجهة ” لمصنع أزوف ” الحصن الأخير لفصائل ” أزوف ” المتطرفة الفاشية التي استهدفت إلى جانب الجيش الأوكراني وعلى مدى ثماني سنوات منذ عام 2014 شرق أوكرانيا ، حيث يعيش قرابة ( 4 ) ملايين روسي وناطق بالروسية وموالين لروسيا، و هو حقد تاريخي دفين تمتد جذوره للتيار ” البنديري ” المرتبط تاريخيا بجدهم النازي المتطرف ” بندير ” منذ الحرب الهتلرية النازية التي شنها أودولف هتلر على الاتحاد السوفيتي والحلفاء خلال الفترة من 1939 1945 . وما زالت أسرار حصن مصنع ” أزوف ” لم تكتشف بعد ، وتسريبات حوله ذات علاقة بتقنيات مرتبطة بحلف شمال الأطلسي ” الناتو ” ، وغيرها ” بالبنتاغون ” مقر الدفاع والاستخبارات الأمريكية، وتحصن حوالي 2000 من عناصر ” أزوف ” بداخله إلى جانب رهائن من سكان (ماريبول) وأطفال ، وكاريدور روسي للأهالي ولمن يرغب رفع الراية البيضاء من المقاتلين الأوكران ، والهدف متوسط المدى إطالة فترة الحرب إلى جانب ما تضخه أمريكا من سلاح ملياري وأموال كبيرة، إلى جانب بريطانيا والدول الحليفة للغرب، وأملنا كبير بأن يضع عيد النصر السوفيتي القادم، والذي ستتصدر موسكو بتاريخ 9 أيار 2022 احتفاليته بصورة مهيبة عبر عرض عسكري متميز يمتد تاريخه إلى نهاية الحرب العالمية الثانية .
وبالمناسبة استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 لم يكن متوقعاً لدى روسيا الاتحادية ” الزعيم ” أن يتجه للغرب ويدير ظهره بالكامل لروسيا جارة التاريخ، حيث المجاعة الواحدة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي ، والنصر السوفيتي الواحد على النازية الهتلرية ، وفي الوقت الذي لم تمانع روسيا توجه أوكرانيا للتعاون مع الاتحاد الأوروبي ، نظمت ” كييف ” وبالتعاون مع أمريكا وجهازها الاستخباري ” سي أي ايه ” انقلابا دموياً بعد ثورات برتقالية في ميادينها بهدف طرد ارتباط أوكرانيا بروسيا وتقريبها من أمريكا وبريطانيا باسم الغرب، وهو الذي نشاهده الآن في شوارع ” كييف ” العاصمة التي تجوّل فيها رئيس وزراء بريطانيا – جونسون حليف أمريكا ، ومن ثم وزيري خارجية ودفاع أمريكا ( بلينكين وأوستن) ، ورفع للدعم المالي وعلى مستوى السلاح لأكثر من 12 مليار دولار ، وهدف الغرب الأمريكي يتجاوز استقلال أوكرانيا التي خسرت ( القرم ) و ( الدونباس ولوغانسك ) إلى الأبد ، ويجدف بإتجاه انتاج أوكرانيا جديدة معادية بالكامل لروسيا ومنفذة لتعليمات واشنطن عبر مؤسسات ” البنتاغون ” ، و ” الأيباك ” ، و ” الكونغرس ” ، والصهيونية على خط الأزمة الأوكرانية – الغرب أمريكية مع روسيا بكل تأكيد .
والنصر السوفيتي على النازية الهتلرية في نهاية الحرب العالمية الثانية بعد رفع علمهم المشترك فوق ( الرايخ الألماني – البرلمان ) ستكرره موسكو برفع علمها المشترك مع علم الدونباس فوق مصنع ” أزوف ” قريباً، وتوجه أوكرانيا – زيلينسكي صوب أمريكا وبريطانيا تحديداً خيانة عظمى للمنظومة السوفيتية الواحدة السابقة، ولروسيا العظمى تحديداً بحكم الجوار، وبهدف الأضرار بسيادة روسيا وأمنها الوطني والقومي رغم استقلالها كدولة، وبدلاً من الحياد جنحت للاغتراب والتغرب طمعاً في اقتصاد جديد يرتكز على المساعدات الغربية المسمومة، والأصل أن طورت اقتصادها وحجم تبادلها التجاري مع دول العالم، وما تمنحه أمريكا وبريطانيا لأوكرانيا ليس هبة خالصة، وانما ارتهان وتبعية للغرب الأمريكي الذي قرر شراء غرب أوكرانيا ، وتركيعها ، وتحويلها لرهينة لمصالحهم القومية، والهدف متوسط وبعيد المدى هو اظهار روسيا دولة ضعيفة وليست عظمى، والإبقاء على القطب الواحد مهيمنا ومسيطراً على أركان العالم سياسيا واقتصاديا ولوجستيا، رغم قرب تلاشي صورته الحقيقية وسط أقطاب العالم، ولا مستقبل تقبل به البشرية إلا عالم متعدد الاقطاب بشكل متوازن وعادل، وغدت المساحة ضيقة أمام القطب الواحد المتطرف وبشكل ملاحظ ، ولن تنفعهم ملياراتهم على السلاح ، الواجب توجيهها لإعادة إعمار أوكرانيا ودول العالم خدمة للبشرية جمعاء وقضايا التنمية الشاملة .
وعندما نعلم بقتل جيش أوكرانيا وفصائل ” أزوف ” المتطرفة لأكثر من 14 الفاً من مواطني شرق أوكرانيا ( الروس والناطقين بالروسية )، وتشريد مليون غيرهم إلى داخل روسيا، وتحرير روسيا للقابعين غيرهم في الملاجيء، نعرف بأن روسيا صاحبة قضية كبرى عادلة، وصاحبة مظلمة لا تريد أمريكا ومعها بريطانيا ومن يؤازرهم سماع حقيقتها .
وعندما نعرف بأن غرب أوكرانيا ( كييف ) تلاحق الصحفيين الروس ، ومنهم كبارهم مثل ( سلافيوف ، و كيسيليوف ) بهدف قتلهم ، نزداد قناعة بعدالة الموقف الروسي من الحرب الدائرة، وحديثي هنا لا يشكل انحيازاً للجانب الروسي، ولا يجوز الانحياز في ذات الوقت للمدرسة الغربية المغرضة ( الأمريكية – البريطانية ) تحديداً، وتحرك ” يو تيوب ” بغلق أكثر من قناة إعلامية روسية مثل ( 1, RTR ، سبوتنيك ) وغيرهما مثل ” واتساب وانستغرام “، دليل دامغ، ودفع لنا باتجاه مزيد من القناعة بالموقف الروسي من الحرب الأوكرانية الدائرة رحاها في مناطق الدونباس.
والأكاذيب الإعلامية الغربية حول الحرب الأوكرانية بقصد استهداف روسيا يصعب تصديقها، ولقد أثبتت روسيا بأنها ليست قادمة لاحتلال غرب أوكرانيا، ولا كييف، ولم ترتكب مجزرة في ( بوجا ) بل قدمت مساعدات إنسانية لأهلها كما الأوكران وبحجم وصل إلى 452 طناً، وليس صحيحاً أن الجيش الأوكراني هو من قصف البارجة الروسية ” موسكو ” ، ولم يستخدم الجيش الروسي السلاحين الكيميائي ولا النووي المخفف كما توقعت الاستخبارات الأمريكية حسب قول مديرها ويليام بيرنز .
واكتشاف روسيا عبر استخباراتها وعلى لسان مديرها الخارجي سيرجي ناريشكين بوجود ( 30) مركزاً أوكرانياً – أمريكياً بيولوجياً وبتمويل مباشر من ابن الرئيس الأمريكي بايدن – هانتر، بهدف نشر فايروسات ضارة تجاه العمق الروسي دليل عدواني أمريكي جديد يضاف للأنماط العدوانية الأمريكية – البريطانية العديدة ضد روسيا، وليس لشيء ، ولكن فقط لأنها دولة عظمى ناهضة عسكرياً، وقادرة وحدها على مواجهة حلف ( الناتو ) المعادي مجتمعاً، ولا فرصة للفوز بالحرب العالمية الثالثة الكارثية لو حدثت لأي طرف غربي أو شرقي ، ولسوف تضرر البشرية كلها، وسيعود التاريخ إلى ما قبل الميلادي، إلى عصر الكهوف والحجارة والرماد .
وللعلم لقد انفردت روسيا في التاريخ المعاصر عام 2000 ، وبمبادرة مباشرة من الرئيس بوتين لدخول حلف ( الناتو ) وقتها عبر رسالة حملها من موسكو الرئيس الأمريكي الزائر بيل كلينتون ، بهدف إنهاء الحرب الباردة وإلى الأبد، لكنها بقيت دون إجابة من قبل التيار المعادي لروسيا داخل حلف الأطلسي، وهو الراغب باستمرار الحرب الباردة وسباق التسلح، وللاستمرار بتقسيم العالم إلى غرب وشرق . وبتأثير سلبي أمريكي على إسرائيل العدوانية المحتلة، جعلها تصوت على إخراج روسيا من منظمة حقوق الإنسان على خلفية أحداث ” بوجا ” الأخيرة بالقرب من العاصمة ” كييف”، وهو الذي نفته موسكو جملة وتفصيلا ، لكن صوت العداء لروسيا كان أقوى ومنظم .
وموضوع هدم ( كييف ) لتماثيل لينين في شرق أوكرنيا عندما كان تحت سيطرتها مؤشر على رغبتها بالتخلص من التاريخ السوفيتي والشيوعي معاً، وهو الذي تنبهت له موسكو عبر إعادة التماثيل لمكانها احتراماً لمشاعر السكان الأصليين .